بمراعاة مقاصد الشريعة من تطبيق الحد في الزجر والردع والنكال، وإبقاء المراد من العقوبة بدوام أثرها للعبرة والعظة وقطع دابر الجريمة، ونظراً إلى أن إعادة العضو المقطوع تتطلب الفورية في عرف الطب الحديث فلا يكون ذلك إلا بتواطؤ وإعداد طبي خاص ينبيء عن التهاون في جدية إقامة الحد وفاعليته، قرر: ١- لا يجوز شرعاً إعادة العضو المقطوع تنفيذاً للحد لأن في بقاء أثر الحد تحقيقاً كاملاً للعقوبة المقررة شرعاً، ومنعاً للتهاون في استيفائها، وتفادياً لمصادمة حكم الشرع في الظاهر.
٢- بما أن القصاص قد شرع لإقامة العدل وإنصاف المجني عليه، وصون حق الحياة للمجتمع وتوفير الأمن والاستقرار، فإنه لا يجوز إعادة عضو استؤصل تنفيذاً للقصاص إلا في الحالات التالية:
أ- أن يأذن المجني عليه بعد تنفيذ القصاص بإعادة العضو المقطوع.
ب- أن يكون المجني عليه قد تمكن من إعادة العضو المقطوع منه.
٣- يجوز إعادة العضو الذي استؤصل في حدٍ أو قصاص بسبب خطأ في الحكم أو في التنفيذ.
وقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة قراراً برقم (١٣٦) بشأن إعادة العضو المقطوع في الحدود والتعزيرات ومما جاء فيه: قرر المجلس بالإجماع أنه لا يجوز إعادة اليد المقطوعة في حدٍ إلى صاحبها، لأن المقصود من القطع الزجر والردع لا الإيلام فقط.
الترجيح:
ترجيح أحد القولين مبني على معرفة المقصود بالحد فإن كان هو إيلام الجاني فهذا متحقق بمجرد القطع وإن كان المقصود تفويت عضو بالكلية فإعادته منافٍ لمقصود الشارع وكلا الأمرين محتمل ومما يؤيد الثاني ما ورد من الحسم والتعليق لكنه ليس مأموراً به في كل الأحوال، ثم إنه ليس المراد بالحسم منعه من إعادة العضو المقطوع بل المراد تخفيف الدم وقطع الألم عنه فهو من باب الرحمة فقد يكون حجةً للقول بالجواز لكن يبقى في القول بالإباحة ما يشجع أهل الإجرام على الاستهانة بالعقوبة والله أعلم.