ونوقش بأن هذه المسألة فيها خلاف والصحيح فيها الجواز وهو قول الشافعي والجمهور وهو الصحيح عند الحنابلة، لأنه ملك المنفعة والمنافع لها أحكام الأعيان. وقال الحنفية ورواية عند الحنابلة: لا يجوز بأكثر إلا أن يكون أصلح فيها بناء أو زاد فيها شيئاً لأن المنافع لاتدخل في ضمان المستأجر ولو قبض العين المؤجرة بدليل أنها لو انهدمت لم تلزمه الأجرة، فتكون الزيادة ربحٌ حدث لا مع ضمانه وقد نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن ربح مالم يضمن، كبيع المكيل والموزون قبل قبضه لأن المنافع ليست من ضمان المستأجر. وأجيب بأنه قياس مع الفارق لأن قبض العين قام مقام قبض المنافع.
الخلاصة والترجيح: الراجح والله أعلم فيما يأخذه المالك الجواز إذا كان عرف الناس على ذلك ويعتبر جزء من الأجرة وإن سمي بغير اسمها.
٤ ـ الصورة الرابعة: الخلو في الوقف:
سبب الخلاف في هذه الصورة لأن بدل الخلو يعتبر بيعاً، ولذلك فقد ضيق القائلون بجوازه في إجرائه في الوقف بحيث يقتصر على أحوال الضرورة في حدودها بشروط ومنها: أن يكون ذلك في صالح الوقف، وأن تكون المدة التي يستحق فيها المستأجر المنفعة محدودة، وأن تعرف نسبة كل من الطرفين من المنفعة. وبدل الخلو في الوقف يكون حينما يقوم المستأجر بعمارة الوقف أو إصلاحه بحيث يكون ريع الوقف أو منفعته مشتركة بين المستأجر وبين مصرف الوقف، وقد اختلفت فيه أقوال العلماء:
١ ـ فقال أكثر المالكية وبعض الحنفية والشافعية والحنابلة بجوز لما يلي:
أ- أنه قد تعارف الناس على جواز التصرف في الخلو وأنه حق ثابت لصاحبه واعتادوا عليه والعادة محكمة.
ونوقش هذا الدليل بأن العبرة بالعرف العام والعرف هنا عرف خاص.
ب ـ أنه لمصلحة الوقف ومن باب الضرورة فيجوز قياساً على بيع الوفاء (وبيع الوفاء هو: أن يبيع شخص عيناً لشخص آخر بمبلغ ما على أنه متى مارد المبلغ رد عليه تلك العين) .