للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العذاب من عالم وعابد ليردوهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت (١).

والمراد بيانه من مثل هذا أن هؤلاء الفقهاء والعلماء كان لهم الأثر الكبير في بقاء الإسلام ونشره، وأن مجالسهم العامرة في بث العلم وإحيائه وتعليم الناس وإفتائهم، كان لها بلاؤها في تثبيت الناس وحفظ أصول الديانة، ولذا فقد كانت تلك المجالس معظمة عند الخاصة والعامة، وكان يحضرها الفقهاء والأكابر، فكان ابن عمر رضي الله عنه يحضر مجلس عبيد بن عمير (ت ٧٤ هـ) (٢)، وكان عمر بن عبد العزيز (ت ١٠١ هـ) يجلس إلى قاصِّ العامة بعد الصلاة (٣)، وكان يحضر مجلس أبي حامد الإسفراييني (ت ٤٠٦ هـ) ثلاثمائة فقيه (٤)، وكان الفقهاء يحضرون مجالس الموفق بن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) (٥)، وكان هو نفسه يحضر مجالس سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤) (٦)، وحضر أبو إسحاق الشيرازي (ت ٤٧٦ هـ) مجلس الوعظ لأبي القاسم القشيري (ت ٥١٤ هـ) (٧)، وكان لأبي عثمان الصابوني (ت ٤٤٩ هـ) مجالس في التذكير يحضرها أبو إسحاق الإسفراييني (ت ٤١٨ هـ) وابن فورك (ت ٤٠٦ هـ) وأبو الطيب الصعلوكي (ت ٤٠٤ هـ) (٨)، وهذا أمر معروف مشهور.

وربما حضر الأكابر مجالس من هم في طبقة تلامذتهم، أو ألزموهم الدرس بحضرتهم على جهة الامتحان، كحضور جماعة من الفقهاء الكبار لأول مجلس لأبي الفرج بن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ) بعد أن أُذن له في الجلوس في جامع المنصور ببغداد (٩)، وكمُعمَّر بن يحيي السراج (ت ٨٩٧ هـ) الذي ألزمه شيخه أن يدرس المنهاج بحضرته (١٠)، والأمثلة في هذا ونحوه كثيرة يطول شرحها.


(١) انظر: معالم الإيمان، الدباغ (٣/ ٣٤)، سير أعلام النبلاء، الذهبي (١٥/ ١٤٥).
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي (٤/ ١٥٧).
(٣) انظر: حلية الأولياء، أبو نعيم (٥/ ٢٧١).
(٤) انظر: وفيات الأعيان، ابن خلكان (١/ ٧٢).
(٥) انظر: الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (٣/ ٢٨٥).
(٦) انظر: الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (٣/ ٢٨٤).
(٧) انظر: وفيات الأعيان، ابن خلكان (٣/ ٢٠٨).
(٨) انظر: طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (٤/ ٢٧٤).
(٩) انظر: الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (٢/ ٤٦٥).
(١٠) انظر: الضوء اللامع، السخاوي (١٠/ ١٦٣).

<<  <   >  >>