للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في الجامع منذ ثلاثين سنة أحق من موسى بالفتوى (١).

وعلى ذلك جرت سنة العلماء في إجازة المتأهلين من طلبتهم للإفتاء والإذن لهم فيه (٢). قال القلقشندي (ت ٨٢١ هـ): (جرت العادة أنه إذا تأهل بعض أهل العلم للفتيا والتدريس أن يأذن له شيخه في أن يفتي ويدرس ويكتب له بذلك) (٣).

وكان خلق من الفقهاء مع كمال أهليتهم للفتيا يتهيبونها عندما يُكفون بغيرهم، لا سيما بحضرة من يرونه فوقهم في العلم والفقه. قال البراء بن عازب رضي الله عنه: (رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما فيهم رجل إلا وهو يحب الكفاية في الفتوى) (٤). وسأل رجل الشعبي (ت ١٠٤ هـ): كيف كنتم تصنعون إذا سئلتم؟ قال: على الخبير وقعت، كان إذا سئل الرجل قال لصاحبه: أفتهم، فلا يزال حتى يرجع إلى الأو (٥) ل. وسئل ابن المبارك (ت ١٨١ هـ) بحضور سفيان بن عيينة (ت ١٩٨ هـ) عن مسألة، فقال: إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا (٦). وكان أبو إسحاق المروزي (ت ٣٤٠ هـ) لا يفتي بحضرة الإصطخري (ت ٣٢٨ هـ) إلا بإذنه (٧).

وقد كان لأهل العلم حلقات للإفتاء، ينتصبون فيها لخدمة الناس ويتحرون الصواب في فتاويهم، فيستقبلون الأسئلة والرقاع ويجيبون عليها، ولم


(١) رياض النفوس، المالكي (١/ ٣٧٦).
(٢) انظر على سبيل المثال: الجواهر المضية، ابن أبي الوفاء (٣/ ٤٣)، الديباج المذهب، ابن فرحون (١/ ٢٤٥)، طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (٩/ ١٥٥)، الأنس الجليل، العليمي (٢/ ١٩٦) وفي (٢/ ٣٩١)، نزهة النفوس والأبدان، الخطيب الجوهري (٢/ ١٢١)، الضوء اللامع، السخاوي (١/ ٢٩٨) وفي (١/ ٣٥٨) وفي (١٠/ ٣١)، تاريخ القضاء والإفتاء في بيت المقدس، بشير بركات (٣١٨)، المدارس في بيت المقدس، د. عبد الجليل حسن (١/ ١٥٦).
(٣) صبح الأعشى (١٤/ ٣٢٢)، وانظر فيه نماذج من هذه الإجازات، ومنها إجازة سراج الدين بن الملقن للمؤلف بالتدريس والإفتاء.
(٤) الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي (٧٠٨).
(٥) تاريخ دمشق، ابن عساكر (٢٥/ ٣٦٥).
(٦) سير أعلام النبلاء، الذهبي (٨/ ٤٢٠).
(٧) طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (٣/ ٢٣١).

<<  <   >  >>