للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السخاوي (ت ٩٠٢ هـ): (وأما فتاويه فإليها النهاية في الإيجاز مع حصول الغرض، لا سيما المسائل التي لا نقل فيها) (١).

ومن الفقهاء من قال: يجيبه بأكثر من السؤال (٢)، وجاء وصف بعض المفتين بأنه يفتي الفتيا الواسعة (٣). وعلى أية حال فإن المستفتي ربما احتاج إلى البيان فكان الإيجاز مانعًا له من حسن التفهم، فيكون الأليق بمثل حال العامة الإيجاز المبين، فأما إن كان مخِّلًا فالشرح في حقه أولى. قال ابن الصلاح (ت ٦٤٣ هـ): (الاقتصار على (لا) أو (نعم) لا يليق بعيِّ العامة، وإنما يحسن بالمفتي الاختصار الذي لا يخل بالبيان المشترط عليه دون ما يخل به، فلا يدع إطالة لا يحصل البيان بدونها) (٤).

وعلى المستفتي أن يتثبت من جواب الشيخ، وأن يستفهم منه إن التبس عليه أمر الفتيا، كما أن على المفتي أن يتثبت في جوابه تثبت من يعلم أنه مسؤول عن علمه، فإذا أفتى بشيء ثم تبين له خلافه أعلم أصحابه برجوعه عنه (٥).

فقد روي أن رجلًا تزوج امرأة من بني شمخ، فرأى بعدُ أمها فأعجبته، فذهب إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إني تزوجت امرأة لم أدخل بها ثم أعجبتني أمها، فأطلق المرأة وأتزوج أمَّها؟ قال: نعم فطلقها وتزوج أمَّها. فأتى عبد الله رضي الله عنه المدينة، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا يصلح. ثم قدم فأتى بني شمخ، فقال: أين الرجل الذي تزوج أم المرأة التي كانت تحته؟ قالوا: ههنا. قال: فليفارقها. قالوا: وقد نثرت له بطنها؟ قال: فليفارقها؛ فإنها حرام من الله عز وجل (٦).


(١) الجواهر والدرر (٢/ ٦١٤)، وانظر بقية الكلام فيه.
(٢) انظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٦/ ٤٥).
(٣) انظر على سبيل المثال: طبقات الحنابلة، ابن أبي يعلى (٣/ ٢٧٣)، الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (١/ ٧١).
(٤) أدب الفتوى (١١٠)، وانظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٦/ ٩١).
(٥) انظر: رياضة المتعلمين، ابن السني (٢٣٤).
(٦) المعرفة والتاريخ، الفسوي (١/ ٤٣٩).

<<  <   >  >>