للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عبد العزيز (ت ١٦٧ هـ): (لم يكن عندنا أعلم بالقضاء من يزيد بن أبي مالك، لا مكحول ولا غيره، وقد بعثه عمر بن عبد العزيز إلى بني نمير، يفقههم ويقرئهم) (١).

فالخلوص إلى عامة الناس وبث العلم والفقه فيهم من هدي الأنبياء، وليس مما يترفع عنه الفقهاء والأئمة فضلًا عمن دونهم، بل كان من هدي أئمة الهدى والفقه في الدين تعليم الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، والأصم والأبكم والأعمى، وقد روى الإمام أحمد بإسناده عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أبواب الصدقة: ((وتَهدي الأعمى، وتُسمع الأصم والأبكم حتى يفقه)) (٢)، قال ابن السُنِّي (ت ٣٦٤ هـ): (وإن كان فيهم أصم لا يسمع فليسمعوه.. وإن حضرهم ضرير فليكتب له بعضهم.. وكذلك إن كان فيهم أبكم أفهموه) (٣).

وكذلك الصبيان فلا يترفع العالم عن تعليمهم وقد علَّمهم من هو خير منه صلى الله عليه وسلم، بل يعلمهم ويبلوهم فيما أخذوه عنه، وقد روى الإمام أحمد (ت ٢٤١ هـ) وغيره عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنه: ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فألقيتها في فمي، فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها، فألقاها في التمر، فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التمرة؟ قال: ((إنا لا نأكل الصدقة) قال: وكان يقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة) قال: وكان يعلمنا هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنه لا يذل من واليت) وربما قال: ((تباركت ربنا وتعاليت)) (٤).

وكذلك كان علماء المسلمين وأئمتهم لا يترفعون عن تعليم الكبير والصغير.


(١) تاريخ الإسلام، الذهبي (٨/ ٣٠٩).
(٢) المسند (٢١٤٨٤).
(٣) رياضة المتعلمين (١٢٥).
(٤) المسند (١٧٢٣)، وانظر: رياضة المتعلمين، ابن السني (١٣٥).

<<  <   >  >>