للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت ٧٢٨ هـ): (وكان جماعة من علماء المسلمين يؤدبون، منهم أبو صالح صاحب الكلبي كان يعلم الصبيان، وأبو عبد الرحمن السلمي وكان من خواص أصحاب علي رضي الله عنه، وقال سفيان بن عيينة: كان الضحاك بن مزاحم وعبد الله بن الحارث يعلمان الصبيان فلا يأخذان أجرًا، ومنهم قيس بن سعد، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الكريم أبو أمية، وحسين المعلم وهو ابن ذكوان، والقاسم بن عمير الهمداني، وحبيب المعلم مولى معقل بن يسار، ومنهم علقمة بن أبي علقمة وكان يروي عنه مالك بن أنس، وكان له مكتب يعلم فيه، ومنهم أبو عبيد القاسم بن سلَّام الإمام المجمع على إمامته وفضله) (١). وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي الحنبلي (ت ٦١٢ هـ) عن الإمام الحافظ الكبير أبي موسي المديني الشافعي (ت ٥٨١ هـ): (وكان فيه من التواضع بحيث إنه يقرئ الصغير والكبير، ويُرشد المبتدئ، رأيته يُحفِّفظ الصبيان القرآن في الألواح) (٢).

فهذه المجالس نفعها عام للخاص والعام، سواء كان الذي يحضرها فقيهًا أو متفقِّهًا أو عاميًّا يتعلم الشيء فالشيء من أمر دينه، وقد قال أبو الوليد الباجي (ت ٤٧٤ هـ): (والمجالسة للعلماء إذا كانت قربة فإنما تكون على وجهين: أحدهما لمن ليس في قدرته تعلم العلم، فإنه يجالسهم تبركًا بمجالستهم وانحيازًا إليهم ومحبة فيهم، وربما جرى من أقوالهم ما يحتاج إليه، فتحمله حاجته إليه على أن يعيه ويحفظه، أو يستثبت فيه حتى يفهمه، وربما سألهم عن مسألة مما لا يسعه جهله فيأخذها عنهم، وأما من كان في قوَّته تعلم العلم ورزق عونًا عليه ورغبة في تعلمه، فيجالسهم ليأخذ عنهم ويتعلم من علمهم) (٣).

٢ - كان لهذه المجالس الفقهية الشريفة دورها في تزكية أخلاق المسلمين وتربيتهم على حسن التأله لله جل جلاله وحسن المعاملة مع الناس، لم


(١) منهاج السُّنَّة (٨/ ٥٤٣).
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي (٢١/ ١٥٦).
(٣) المنتقى (٧/ ٣٢٦).

<<  <   >  >>