للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمجالس المذاكرة والمباحثة بين الفقهاء فوائد جمة وآثار شريفة، فمنها ما يأتي بيانه:

١ - مذاكرة الفقه سبيل إلى ضبطه وإتقانه وقلة نسيانه، وهذا من المقاصد الأولى للمذاكرة. قال ابن المعتز (ت ٢٩٦ هـ): (من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم) (١). وقد بوَّب البخاري (ت ٢٥٦ هـ) في كتاب العلم: (باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم)، قال المهلب (ت ٤٣٥ هـ): (معنى طرح المسائل على التلاميذ؛ لترسخ في القلوب وتثبت؛ لأن ما جرى منه في المذاكرة لا يكاد ينسى) (٢)، وقيل: مطارحة ساعة خير من تكرار شهر (٣).

وهذا أمر معلوم مجرَّب، فمن ترك المذاكرة نسي العلم، ومن ترك المذاكرة في شيء من العلم او باب من أبوابه نسي منه بحسب ما ترك من المذاكرة فيه، وكم عالم اعتزل الناس وترك مجالس الفقه حتى ذهب علمه.

فهذا عبد الرحمن بن عطاء (ت ١٤٣ هـ) كان ممن يختلفون إلى ربيعة الرأي (ت ١٣٦ هـ) ثم إنه خرج من المدينة لكثرة ما رأى فيها من العلماء، ونزل


(١) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، الخطيب البغدادي (٢/ ٢٧٦).
(٢) شرح صحيح البخاري، ابن بطال (١/ ١٤١).
(٣) مفتاح السعادة، طاش كبري زاده (١/ ٣٥).

<<  <   >  >>