للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطريقة الأولى خمسة عشر أبًا) (١). وقال الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) عندما ذكر جماعة من الأئمة المتقدمين الذين تتصل بهم أسانيده العلمية: (لأنهم رأس مالي، وإلى علمهم مآلي) (٢).

فكانوا يجلونهم ويوقرونهم ويعرفون لهم فضلهم ويحفظون لهم حقهم، وروي أن أبا حنيفة (ت ١٥٠ هـ) قال: (ما مددت رجلي نحو دار أستاذي حماد؛ إجلالًا له)، وكان بين داره وداره سبع سكك (٣). وقال: (ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والديّ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا) (٤). وقال القاضي أبو يوسف (ت ١٨٢ هـ: (إني لأدعو لأبي حنيفة قبل أبويّ، ولقد سمعت أبا حنيفة يقول: إني لأدعو لحماد مع أبويّ) (٥). وقال الإمام أحمد (ت ٢٤١ هـ) لأبي عثمان محمد بن محمد بن إدريس الشافعي (ت: بعد ٢٤٠ هـ): (أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم في السحر) (٦)، وسأله سائل يومًا فكان يجيبه ويلتفت إلى ابن الشافعي ويقول: (هذا مما علمنا أبو عبد الله)؛ يعني: أباه (٧).

فكانوا يعلمون أن هؤلاء الأئمة الذين سبقوهم بالعلم والإيمان لهم فضل عليهم، وهم الذين قاموا بالكفاية قبلهم، وصمدوا إلى علم الشريعة نقلًا وضبطًا وفقهًا وتحريرًا، فحُرست بهم الملة، وحُفظت بهم أصول الديانة وفروعها وآدابها، ولولا أن قيَّض الله أولئك الأئمة لحفظ دينه لانمحت رسومه وعفت آثاره، فهم يُقرُّون لهم بالفضل والسابقة والنصيحة في الدين، ويدعون لهم بدعوة الصالحين قبلهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠].


(١) ثبت الإمام شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي (٢٣٧).
(٢) الفقيه والمتفقه (٥٤٩).
(٣) الطبقات السنية، الغزي (١/ ١١٤).
(٤) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (١٥/ ٤٥٧).
(٥) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (١٥/ ٤٦٦).
(٦) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (٤/ ٣٢٥).
(٧) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (٤/ ٣٢٥).

<<  <   >  >>