للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ج- منازل العلماء:

كانت منازل العلماء من أماكن عقد المجالس التعليمية، وإن كانت أخص كمًّا وكيفًا من غيرها، فالمنازل مكان مناسب في الغالب للدروس التي ينتخب فيها الأستاذ الخاصة من تلامذته والمبرِّزين منهم. قال ابن هرمز (ت ١٤٨ هـ) يومًا لجاريته: من الباب؟ فلم تر إلا مالكًا (ت ١٧٩ هـ) فرجعت فقالت له: ما ثم إلا ذاك الأشقر، فقال لها: دعيه، فذلك عالم الناس (١).

ومع أن المنازل ربما كانت مفتوحة للناس غير أن هيبة المنازل ربما حجبت الكثيرين عن الانتفاع العام كما هو الشأن في المساجد، وقد مضى آنفًا من كلام ابن الحاج (ت ٧٣٧ هـ) ما يفيد ذلك. ومن مزايا التدريس في المنازل ما يكون فيها من حرية واختيار واسع في تحديد الزمان والكتاب المدروس والمناقشة والمباحثة (٢).

د- أماكن أخرى:

جرى الكثير من الباحثين في تاريخ الحركة العلمية في الإسلام أن يذكروا أماكن أخرى للمجالس العلمية كالمكتبات والأربطة والخوانق والزوايا ومجالس الخلفاء والأمراء في القصور وحوانيت الورَّاقين وغيرها، غير أن تأثير هذه الأماكن لا يقاس بالجوامع والمدارس في تكوين الفقهاء وبنائهم العلمي، وتبقى مشاركة هذه الأماكن ضئيلة عند موازنتها بها، وعامة ما كان يجري في هذه الأماكن ونحوها إنما هو من قبيل المذاكرة أو المباحثة أو المناظرة، لا من قبيل مجالس التدريس التي يتخرج فيها الفقهاء والعلماء، وهذه الأماكن ما


(١) ترتيب المدارك، القاضي عياض (١/ ١٠٨).
(٢) انظر: التعليم في مصر زمن الأيوبيين والمماليك، د. عبد الغني عبد العاطي (٢٣٤)، الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، د. رشاد معتوق (٢٢٣)، الحياة الفكرية في المدينة المنورة في القرنين الأول والثاني، د. عدنان الفراجي (٨٠)، المؤسسات التعليمية في العصر العباسي الأول، د. مفتاح الرباصي (٨٥)، دور مصر في الحياة العلمية في الحجاز إبان العصر العثماني، د. محمد بيومي (٢٢٧).

<<  <   >  >>