للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بنيت لتكون مجالس للتدريس، وما يجري فيها من ذلك فهو أمر عارض ومختص في الغالب بفئة دون غيرها (١).

ثانيًا: المعلِّم:

المعلِّم هو العنصر الرئيس في العملية التعليمية؛ فهو معدن العلم والأدب الذي يراد بالتعليم اقتداء الطالب به، ولذا جاءت الوصية بحسن اختيار المعلِّم وأن يشاور في ذلك ولا يعجل، وأن يختار الأعلم والأورع من الشيوخ، وأن يستخير الله تعالى في ذلك (٢).

وقد روي أن أبا حنيفة (ت ١٥٠ هـ) اختار شيخه حماد بن أبي سليمان (ت ١٢٠ هـ) بعد التأمل والتفكر، وقال: (وجدته شيخًا وقورًا حليمًا صبورًا) (٣)، وقال أبو بكر بن عياش (ت ١٩٣ هـ) في مغيرة بن مقسم (ت ١٣٣ هـ): (كان مغيرة من أفقههم، ما رأيت أحدًا أفقه منه، فلزمته) (٤)، وقال إبراهيم النخعي (ت ٩٦ هـ): (كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وإلى صلاته وإلى حاله، ثم يأخذون عنه) (٥).

ويتوخى فيمن يختاره تمام الانتفاع به بألا يكون الأستاذ فوق طاقته في التعلم ولا دون استعداده، مع تحري العلم والتحقيق بحيث ينتفع بصحبته


(١) انظر: التربية والتعليم في العراق حتى نهاية العصر العباسي، د. بشار معروف (٧٣)، التكايا والزوايا في تركيا، د. محمد حمدان (١٢٥)، المؤسسات التعليمية في العصر العباسي الأول، د. مفتاح الرباصي (٢٢٦)، تاريخ تكايا بغداد، السيد ميعاد الكيلاني (٤٤)، الحياة الفكرية في مصر خلال العصر الأيوبي، د. شوكت الأتروشي (٣٥٩)، المكتبات الإسلامية وأثرها في التعليم منذ نشأتها وتأسيسها وحتى القرن السابع الهجري، د. علي الجهني (٢/ ٦٣٤). ويمكن اعتبار تجربة المرابطين في الغرب الإسلامي تجربة استثنائية في دور الأربطة العلمي، ولذلك ظروفه الموضوعية والتاريخية التي لا تخفى على من استقرأ تاريخ نشأة حركتهم ودولتهم، وانظر: التربية والتعليم في عصر المرابطين في بلاد المغرب، د. ناهضة حسن (٦٥)، المعاهد والمؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي، د. نجاح القابسي، مجلة المؤرخ العربي، العدد التاسع عشر (١٨٢).
(٢) انظر: تذكرة السامع والمتكلم، ابن جماعة (١٣٣).
(٣) تعليم المتعلم، الزرنوجي (٧).
(٤) سير أعلام النبلاء، الذهبي (٦/ ١١).
(٥) الجامع، الخطيب البغدادي (١/ ١٢٨).

<<  <   >  >>