للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطالب المؤذنة برفعه إلى أعلى المراتب، أن يرزقه الله معلِّمًا ناصحًا وقريحة قابلة وفهمًا صقيلًا وكفاية مؤنة وصدق رغبته في طلبه) (١).

ومن نصيحة الأستاذ لطلبته أن يترفق بهم كأنهم أولاده، قال أبو حامد الغزالي (٥٠٥ هـ): (فأول وظائف المعلم أن يجري المتعلم منه مجرى بنيه) (٢)، فيستوثق من فهمهم ويسر بنجابتهم وتقدمهم في العلم ويجتهد في ذلك اجتهاد الحريص، ويجعل تعليمه إياهم قربة يتقرب إلى الله تعالى بها لا مهنة يسترزق منها، ويبذل لهم من سماحة نفسه وكرم أخلاقه ما يحبب إليهم العلم ويزينه في قلوبهم، وقد روي عن عمر رضي الله عنه: (تعلَّموا العلم وعلِّموه الناس، وتعلموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه، ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم جهلكم بعلمكم) (٣).

وقال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه: (أنتم جلاء قلبي) (٤). وقال ابن عباس رضي الله عنه: (أعز الناس عليَّ جليسي الذي يتخطى الناس إليَّ، أما والله إن الذباب يقع عليه فيشقُّ ذلك عليَّ) (٥). وكان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقبل على الشباب فيقول: (يا ابن أخي، إذا شككت في الشيء فلسني حتى نستيقن؛ فإنك إن تقم على اليقين أحب إلي من أن تقوم على الشك) (٦). وقال حماد بن أبي سليمان (ت ١٢٠ هـ): (كنت أسائل إبراهيم (ت ٩٦ هـ) عن الشيء فيعرف في وجهي أني لم أفهم فيعيده حتى أفهم) (٧).

وجاء عيسى بن دينار (ت ٢١٢ هـ) فلازم ابن القاسم (ت ١٩١ هـ) سنين، فلما ارتحل عنه قافلًا إلى الأندلس شيَّعه ابن القاسم فراسخ، فعوتب في ذلك


(١) ثبت ابن حجر الهيتمي (٨٦).
(٢) ميزان العمل (٣٦٣)، وانظر: التبيان، النووي (٤٠).
(٣) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر (١/ ٥٤٢).
(٤) حلية الأولياء، أبو نعيم (٤/ ١٧٠).
(٥) أدب المجالسة، ابن عبد البر (٣٣).
(٦) المدخل إلى السنن الكبرى، البيهقي (٢/ ١٥٠).
(٧) الآداب الشرعية، ابن مفلح (٢/ ١٥٦).

<<  <   >  >>