للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال: تلومونني أن شيَّعت رجلًا لم يخلف بعده أفقه منه؟! (١). وقال الضياء المقدسي (ت ٦٤٣ هـ) في الموفق بن قدامة (ت ٦٢٠ هـ): (وما علمت أنه أوجع قلب طالب) (٢).

وقال تاج الدين السبكي (ت ٧٧١ هـ): (وكنت أنا كثير الملازمة للذهبي، أمضي إليه في كل يوم مرتين بكرة والعصر، وأما المزي فما كنت أمضي إليه غير مرتين في الأسبوع، وكان سبب ذلك أن الذهبي كان كثير الملاطفة لي والمحبة فيَّ، بحيث يعرف من عرف حالي معه أنه لم يكن يحب أحدًا كمحبته فيَّ، وكنت أنا شابًّا فيقع ذلك مني موقعًا عظيمًا) (٣).

وقد أطال العلماء القول في آداب المعلِّم وما ينبغي في حقه من الإخلاص والنصيحة لله تعالى ولمن يتولى تعليمهم، وفصَّلوا القول في طرائق التعليم ورسومه وآدابه، وسبيل الإذن والإجازة به، مما هو مشهور في كتب أدب الطلب وقوانين التعليم (٤).

ثالثًا: المتعلِّم:

مثلما جاءت الوصية من العلماء بحسن اختيار المعلِّم فقد جاءت الوصية منهم كذلك بحسن اختيار التلميذ، وأن يكون للعالم فراسة يتوسَّم بها المتعلِّم؛ إذ الطلبة متفاوتون بينهم تفاوتًا عظيمًا في قابليتهم واستعدادهم (٥). قال


(١) التسمية والحكايات، السرقسطي (١١٨).
(٢) سير أعلام النبلاء، الذهبي (٢٢/ ١٧٠).
(٣) طبقات الشافعية الكبرى (١٠/ ٣٩٨).
(٤) انظر: رياضة المتعلمين، ابن السني (١٢٥)، تذكرة السامع والمتكلم، ابن جماعة (٤٣)، معيد النعم، ابن السبكي (١٠٥)، المعيد في أدب المفيد والمستفيد، العلموي (٧٩)، القانون في أحكام العلم وأحكام العالم وأحكام المتعلم، اليوسي (٢٩٥)، أخلاقيات علماء الفقه المسلمين، د. جمال الهنيدي (١٠٨)، التراث التربوي في المذهب المالكي، أحمد حسانين (١٨٤)، التراث التربوي في المذهب الشافعي، د. محمد أبو شوشة (١٨٢).
(٥) انظر: أدب الدين والدنيا، الماوردي (١٣٩). ومن التعبيرات اللطيفة في بيان استعداد الطالب للعلم قول العليمي (ت ٩٢٨ هـ) في ترجمة عبد المؤمن القطيعي (ت ٧٣٩ هـ): (وكان ذا ذهن حاد وذكاء وفطنة، وعنده خميرة جيدة من أول عمره في العلم). المنهج الأحمد (٥/ ٦٧).

<<  <   >  >>