للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كنا حوالي العشرة، وكان الشيخ أبو إسحاق يذكر التعليقة في أربع سنين فيصير المتفقه في هذه الأربع سنين فيها مستغنيًا عن الجلوس بين يدي أحد، وكان يذكر درسًا بالغداء ودرسًا بالعشي) (١).

و (التعليقة) هي المادة الفقهية التي يلقيها الفقيه على تلامذته في مجلس الدرس ويتحملها عنه الطلبة. قال حاجي خليفة (ت ١٠٦٧ هـ) في بيان معنى ((الأمالي)): (هو جمع الإملاء، وهو أن يقعد عالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم ويكتبه التلامذة فيصير كتابًا، ويسمونه: ((الإملاء)) و ((الأمالي))، وكذلك كان السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها في علومهم، فاندرست لذهاب العلم والعلماء وإلى الله المصير. وعلماء الشافعية يسمون مثله التعليق) (٢).

وهذه التعليقات ربما اشتهرت من جهة الفقيه العالم، كتعليقة أبي الفتح الأسمندي الحنفي (ت ٥٥٢ هـ) (٣)، وأبي بكر الطرطوشي المالكي (ت ٥٢٠ هـ) (٤)، وتعليقة القاضي حسين الشافعي (ت ٤٦٢ هـ) (٥)، وتعليقة القاضي أبي يعلى الحنبلي (ت ٤٥٨ هـ) (٦). أو من جهة تلامذته الذين يكتبونها عنه منسوبة إليه، فتعليقة أبي حامد الإسفراييني (ت ٤٠٦ هـ) كان علَّقها عنه جماعة من تلامذته، منهم ابن المَحَاملي (ت ٤١٥ هـ) وأبو نصر الثابتي (ت ٤٤٧ هـ) والقاضي أبو علي البندنيجي (ت ٤٢٥ هـ) (٧).

والتعليقات متفاوتة في حجمها وفي طريقتها، فمنها الكبير جدًّا والمتوسط والصغير، وبعضها يكون في مسائل الفقه في المذهب الواحد للطلبة


(١) المنتظم، ابن الجوزي (١٧/ ٢٨٥).
(٢) كشف الظنون (١/ ١٦١)، وتسمية هذه الأمالي بالتعليقات ليست مختصة بالشافعية غير أن لهم السبق فيها.
(٣) انظر: الجواهر المضية، ابن أبي الوفاء (٣/ ٢٠٩).
(٤) انظر: الديباج المذهب، ابن فرحون (٢/ ٢٤٥).
(٥) انظر: طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (٤/ ٣٥٦).
(٦) انظر: الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (١/ ١٦٨).
(٧) انظر على التوالي: طبقات الشافعية الكبرى، ابن السبكي (٤/ ٤٨) وفي (٤/ ٢٥) وفي (٤/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>