للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

((المغني)) على الموفق بن قدامة (ت ٦٢٠ هـ) (١).

وقراءة الكتاب على الشيخ قد تكون قراءة عرض وإجازة بالكتاب بحيث يستوثق من ضبطه ويأمن التصحيف فيه (٢)، أو تكون قراءة تصور لمسائله وشرح لغوامضه، أو تكون قراءة مباحثة وتحرير ومناقشة (٣)، وكل نوع من هذه القراءات له رسومه. وقد كانت رواية كتب الفقه سبيلًا إلى الثقة بنقلها، حتى إن من الكتب ما أسقط الفقهاء الثقة به بسبب انقطاع السلسلة فيه. قال المقَّري (ت ٧٥٩ هـ): (ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف وانقطعت سلسلة الاتصال، فصارت الفتاوى تنقل من كتب من لا يدري ما زيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها وقلة الكشف عنها، ولقد كان أهل المائة السادسة وصدر السابعة لا يسوِّغون الفتوى من تبصرة الشيخ أبي الحسن اللخمي (ت ٤٧٨ هـ)؛ لكونه لم يصحَّح على مؤلفه ولم يؤخذ عنه، وأكثر ما يعتمد اليوم ما كان من هذا النمط. ثم انضاف إلى ذلك عدم الاعتبار بالناقلين، فصار يؤخذ من كتب المسخوطين كما يؤخذ من كتب المرضيين، بل لا تكاد تجد من يفرق بين الفريقين، ولم يكن هذا فيمن قبلنا، فلقد تركوا كتب البراذعي على نبلها ولم يُستعمل منها-على كره من كثير منهم-غير ((التهذيب)) الذي هو ((المدونة)) اليوم لشهرة مسائله وموافقته في أكثر ما خالف فيه المدونة أبي محمد) (٤).

وبالرجوع إلى أثبات الشيوخ وبرامجهم يمكننا الاطلاع على جملة من الكتب التي كان الفقهاء يحرصون على قراءتها على شيوخهم في كل زمن من الأزمان وجهة من الجهات. ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في ثبت مفتي الحنابلة بدمشق الشيخ عبد القادر التغلبي (ت ١١٣٥ هـ) من قراءته لـ ((زاد


(١) الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (٣/ ٢٨٣).
(٢) من الأمثلة التي توضح ذلك: ما ذكره ابن خير الإشبيلي (ت ٥٧٥ هـ) في فهرسه (٣٠١) من حضوره مجلس قراءةٍ لكتاب ((التلقين)) للقاضي عبد الوهاب (ت ٤٢٢ هـ)، في جلسة واحدة في منزل القاضي أبي بكر بن العربي (ت ٥٤٣ هـ) بقرطبة قراءة عليه سنة ٥٣٢ هـ.
(٣) انظر على سبيل المثال: برنامج المجاري (١٤٥). وسيأتي مزيد لذلك في مجلس المباحثة.
(٤) نقل عند ذلك الشهاب المقري في: نفح الطيب (٥/ ٢٧٦). وانظر: فهارس الشيوخ عند علماء المسلمين، شعبان خليفة (٢٨).

<<  <   >  >>