للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المستقنع)) و ((الإقناع)) و ((المنتهى)) و ((غاية المنتهى)) و ((شرح الإقناع)) وغير ذلك، ومن هذه الكتب ما أكمله قراءةً بطرفيه، ومنها ما قرأ بعضه، ومنها ما حضر قراءته (١).

وقراءة الكتاب على الشيخ أمر تتفاوت فيه الكتب، ويتفاوت فيه الطلبة كذلك من جهة استعداداتهم الغريزية وما وهبهم الله تعالى من الفطنة والذكاء وسرعة الهجوم على المعاني والظفر بها، فمنهم من لا يكاد يستقل في قراءة كتاب عمن يقرأه عليه، ومنهم من يستغني في بعضها عن الشيخ إلا على وجه المباحثة. ومن أمثلة ذلك ما ذكر عن أبي القاسم القشيري (ت ٤٦٥ هـ) من أنه لما درس عند الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني (ت ٤١٨ هـ) قال له: (ما تحتاج إلى درس، بل يكفيك أن تطالع مصنَّفاتي) (٢). وقال القاضي أبو الوليد بن رشد (ت ٥٢٠ هـ) في فاتحة كتابه ((البيان والتحصيل)): (وعلمت أنه إن كمل شرح جميع الديوان على هذا الترتيب والنظام، لم يحتج الطالب النبيه فيه إلى شيخ يفتح عليه معنى من معانيه؛ لأني اعتمدت في كل ما تكلمت عليه بيان كل ما تفتقر المسألة إليه، بكلام مبسوط واضح موجز يسبق إلى الفهم بأيسر تأمل وأدنى تدبر) (٣). وقال العز بن عبد السلام (ت ٦٦٠ هـ): (ما احتجت في شيء من العلوم إلى أن أكمله على الشيخ الذي أقرؤه عليه، وما توسطته، حتى أختمه عليه) (٤).

خامسًا: هيئة مجلس التعليم:

والمراد بها ما يكون عليه مجلس التعليم أثناء إلقاء الدرس من الهيئة


(١) ثبت الشيخ عبد القادر التغلبي (٥٢). وانظر في ذكر بعض الكتب التي كانت محل حرص وعناية في المذاهب الأربعة: صبح الأعشى، القلقشندي (١/ ٤٧٢).
(٢) وفيات الأعيان، ابن خلكان (٣/ ٢٠٦).
(٣) البيان والتحصيل (١/ ٣٠).
(٤) رفع الإصر، ابن حجر (٢٤١). ومما يُذكر في هذا الصدد قول الأخفش: (كنت أسأل سيبويه عما أشكل علي منه، فإن تصعَّب على الشيء منه قرأته عليه)، كتاب سيبويه (١/ ٩).

<<  <   >  >>