للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

علم المذهب)) ليحيى بن يحيى الأزجي (ت: بعد ٦٠٠ هـ): (ذكر في فروع الآجر المجبول بالنجاسة كلامًا ساقطًا يدل على أنه لم يتصور هذه الفروع ولم يفهمها بالكلية؛ وأظن هذا الرجل كان استمداده من مجرد المطالعة، ولا يرجع إلى تحقيق) (١).

ومن أجل هذا المعنى أيضًا جاءت الوصية من السادة العلماء بكثرة مجالسة الأئمة، وألا يقتصر المتفقه على الشيخ الواحد لا يعدوه إلى غيره.

قال أيوب (ت ١٣١ هـ): (إنك لا تبصر خطأ معلمك حتى تجالس غيره، جالس الناس) (٢).

٥ - مجالس التعليم سبيل إلى حفظ العلم ورسوخه في قلب المعلِّم؛ إذ هو بتكرار المسألة يزداد إتقانًا واستظهارًا لها، وبكثرة تقليبها على وجوه مختلفة لتقريبها إلى أذهان الطلبة تزداد بيانًا في ذهنه، وربما اطلع على منها على إشكال كان خافيًا عليه، أو بدا له جواب سؤال لم يظهر له إلا بمعاناة الشرح ومكابدة التعليم.

قال الخليل بن أحمد (ت ١٧٠ هـ): (إن لم تعلِّم الناس ثوابًا، فعلمهم لتدرس بتعليمهم علمك) (٣). وقال ابن المعتز (ت ٢٩٦ هـ): (النار لا ينقصها ما أخذ منها، ولكن ينقصها أن لا تجد حطبًا، وكذلك العلم لا يفنيه الاقتباس


(١) الذيل على طبقات الحنابلة (٣/ ٢٤٨). وانظر أيضًا في تاريخ الإسلام للذهبي (١٤/ ٣٣٥) قول ابن خزيمة (ت ٣١١ هـ): (وهل أخذ ابن سريج (ت ٣٠٦ هـ) العلم إلا من كتب مستعارة؟!). وانظر في ترتيب المدارك للقاضي عياض (٤/ ١٧٥) كلام الفقهاء في أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي (ت ٤٠٢ هـ). وكذلك انظر كلام مؤرخ الأندلس أبي مروان بن حيان (ت ٤٦٩ هـ) في أبي محمد بن حزم، نقله عنه ابن بسام في الذخيرة (١/ ١٦٧)، وانظر في شأن أبي محمد أيضًا كلام ابن خلدون في مقدمته (٣/ ٥) حيث نسبه إلى تلقي العلم من الكتب من غير ((مفتاح المعلمين)). رحم الله أولئك السادة جميعًا ورضي عنهم، والعبرة بما هو متحصل من ذلك من ضرورة التلقي عن الشيوخ وملازمتهم، وعدم الاستغناء بالكتب عنهم؛ إذ بذلك يتخرج العلماء حقًّا، وقد قال أبو حنيفة (ت ١٥٠ هـ): (ثبتُّ عند حماد بن أبي سليمان فنبتُّ). تعليم المتعلم، الزرنوجي (٧).
(٢) حلية الأولياء، أبو نعيم (٣/ ٩). وحكي نحوه أبو سعيد الضرير اللغوي. انظر: معجم الأدباء، ياقوت (١/ ٢٥٤).
(٣) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر (١/ ٣٨١). وانظر: أدب الدين والدنيا، المارودي (١٣٧).

<<  <   >  >>