للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير من أهل البدع لا يعد من الغيبة]

وهناك شخص من أهل البدع، وأنا أقول لك: لا تقرأ له، ولا تسمع له؛ لأنه مبتدع، وهذا المبتدع له مخالفات كثيرة منها: إنكار الشفاعة، فخالف العالمين جميعاً، ووقف لسوء حظه وحده، لا نصير له على الإطلاق، وكلامه الأخير ومقالاته الأخيرة يضرب بعضها ببعض، هو يقول: مَن الذي يشفع من دون الله؟ هو يتصور أن ربنا سبحانه وتعالى عندما قال: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة:١٦٧] بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيقول: أنا سأخرج هؤلاء من النار، هو يتصور هكذا، فنَقَضَ كلامه، ثم قال: وإن كان جميع المفسرين يقولون كذا وكذا، لكني أقول اجتهاداً والله أعلم، فلما يكون جماهير المفسرين في ناحية، وهو في ناحية، فأي إنسان عاقل سيصدقه حتى نفسه؛ لأن الكبار الذين هم معدن الفتوى والعلم، كان الواحد منهم -كالإمام أحمد أو غيره- إذا سئل عن مسألةٍ يقول: أنا لا أستطيع أن أقول فيها بشيء، ويتوقف، أما هذا المبتدع فإنه مالَ إلى قول المعتزلة، وتبنى قول الخوارج، وخالف أهل السنة جميعاً، فأنا عندما أقول لك: لا تقرأ لهذا الرجل، إنه مبتدع، ومخرف وليس من أصحاب العلم، ومن باب النصيحة نقول له: اجث بركبك في مجالس العلم، فإن آنس أهل العلم منك فهماً، فقالوا لك: تكلم، فتكلم، وإن لم يزكك منهم أحد؛ فخيرٌ لك أن تلقى الله وأنت ساكت، لأنك إن لقيت الله عز وجل بقولٍ مخالفٍ يحاسبك، والغريب في هذا الجريء أنك تجده يقول: والبخاري سيحاسبه الله عن هذه الروايات التي جاء بها! سبحان الله! فلما يكون الإنسان مبتدعاً مثلاً، فلابد أن نقول: لا تقرأ لهذا الإنسان؛ لأنه جاهل ومخرف ولا يفقه شيئاً، ولا يعلم شيئاً، ولا نعلم أحداً من أهل العلم زكاه، فهذا ليس بغيبة؛ لأن الرد على المخالف أصل من أصول الإسلام.

فالمحذر الذي يحذر ويكون محقاً في تحذيره لا يقال له: اغتبتَ العلماء، ويجري في هذا المجرى كلام أهل الجرح والتعديل على الرواة، كالإمام يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، وابن عدي، والفلاس عمرو بن علي، أي واحد من هؤلاء يقول: هذا ضعيف، هذا مغفل، هذا سيئ الحفظ، هذا كذاب، هذا مختلق، كل هذا لا يعد من الغيبة المحرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>