للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة إعتاق أبي عوانة من الرق]

إذاً: هذا الحديث رواه ثمانية مع عارم بن الفضل أبي النعمان، كلهم قالوا: حدثنا وأبو عوانة؛ أبو عوانة هذا اسمه: وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة ثبت، إلا أنه كان أحياناً يحدث من حفظه فيهم، وكان أبو عوانة مملوكاً من سبي جرجان، ومالكه كان اسمه: يزيد بن عطاء، وكان ضعيف الحديث، أما أبو عوانة فكان في القمة بالنسبة لمولاه، وكان أبو عوانة هذا القائم على التجارة الخاصة بـ يزيد بن عطاء، ففي يوم من الأيام جاء إلى أبي عوانة شحاذ -أي: متسول- فقال له: أعطني درهمين، وسوف أنفعك، قال له: كيف تنفعني؟ قال: ستعلم، فأعطاه الدرهمين، فذهب هذا الشحاذ وطاف على رؤساء البصرة -لقد كان يزيد بن عطاء رجل له أبهة، وغني، ومن الأكابر، ومعروف في البصرة- فهذا الشحاذ طاف على كل رؤساء البصرة وقال لهم: ألا تذهبون إلى يزيد بن عطاء لتهنئوه وتشكروه؛ لأنه أعتق أبا عوانة، ومعلوم أن هذا لم يحصل، ففوجئ يزيد بن عطاء أن هذا الجمع كلهم جاءوا وقالوا له: هنيئاً لك، لقد أحسنت حيث أعتقت أبا عوانة، فأَنِف الرجل أن يردهم، فكلهم جاءوا ليسلموا عليه، ويهنئوه على فعله، أيعقل بعد هذا أن يقول لهم: أنا لم أفعل؟ فأنف، وأعتق أبا عوانة.

فأحياناً قد يوضع الإنسان في مثل هذا الموقف فيحرج.

فهذا يزيد بن عطاء عندما جاء إليه أهل البصرة ليهنئوه بأنه قام بإعتاق أبي عوانة لم يجد بداً من إعتاقه، مع أن يزيد بن عطاء خيَّر أبا عوانة بين أن يعتقه وبين أن يكتب الحديث، فاختار كتابة الحديث مع الرق.

كم من ضعيفٍ متضعفٍ أعزه الله بالعلم.

فهذا يزيد بن عطاء لا أحد يعرفه؛ لكن أبا عوانة في القمة.

فكم من ضعيفٍ متضعفٍ أعزه الله بالعلم، (إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع آخرين) .

وأبو بشر شيخ أبي عوانة في هذا الحديث، هو جعفر بن إياس وهو ثقة، وكثير من العلماء تكلموا في بعض حفظه، لكن رواية أبي عوانة عنه صحيحة، ويوسف بن ماهك ثقة أيضاً، وعبد الله بن عمرو بن العاص صحابيٌ جليل معروف.

بهذا نكون قد وقفنا على عتبة المتن.

يعني: تكلمنا عن الإسناد ووقفنا على عتبة المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>