فقال البخاري: وقال ابن مسعود: حدثنا -وهذا هو الشاهد (حدثنا) فهو يذكر الصيغ- رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق.
وهذا التعليق وصله الإمام البخاري في أربعة مواضع من صحيحه، فحديث ابن مسعود:(إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار.
وإن الرجل يعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة) .
فهذا الحديث رواه الإمام البخاري في كتاب بدء الخلق، في باب ذكر الملائكة، من طريق أبي الأحوص، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، وأبو الأحوص هذا اسمه: سلام بن سليم.
ثم رواه بعد ذلك في كتاب الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، من طريق شيخه عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: حدثنا زيد بن وهب، قال: سمعت ابن مسعود يقول: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) .
ثم افتتح الإمام البخاري بهذا الحديث كتاب القدر، ورواه من طريق شيخه أبي الوليد هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا شعبة، قال: أنبأني سليمان الأعمش -وهو سليمان بن مهران الأعمش، ولكن غلب لقبه على اسمه- عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال:(حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) وكلمة (حدثنا) موجودة في جميع طرق الحديث.
ثم -أخيراً- رواه الإمام البخاري في كتاب التوحيد في باب:((وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ)) ورواه من طريق شيخه آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، وساق الحديث.
إذاً: البخاري علق هذا الحديث مع أنه وصله في صحيحه في أربعة مواضع كما ذكرنا الآن، وهذا الحديث أخرجه أيضاً الإمام مسلم من طريق وكيع بن الجراح، وأبي معاوية، وأبي الأحوص وشعبة بن الحجاج، وآخرين كلهم يروي هذا الحديث من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود رضي الله عنه.