في الحق أن شعراءنا الذين نظموا الشعر الحر يقابلون الوتد بقلة اكتراث ويتركونه، في أحيان كثيرة يهدم ألحانهم ويضعف موسيقى شعرهم دون أن يحسوا، ولا نظن ذلك يقع لهم لأن العلم بالعروض ينقصهم، فالعروضيون كما قلنا لا يتعرضون إلى هذه القضية قط، وإنما لأن معرفة شعرائنا بالشعر العربي السليم أقل مما ينبغي لهم. وقد يكون بعضهم من مدمني قراءة الشعر المعاصر وهو غالبًا غير سالم من الأخطاء العروضية، وليس مثلًا يحتذى في الذوق الموسيقي. وإلا فلا تعليل لدينا لما نراه في القصائد الحديثة من رداءة في الصياغة وركاكة في الأنغام. وأغلب الظن أن القارئ يتلو القصيدة ويحسها ضعيفة الوزن ناشزة النغم دون أن يدري سبب ذلك فيها. وهو غالبًا يخرج مغتاظًا مهيأً لأن يهاجم الشعر الحر في أول فرصة تسنح له.
هذا مثلًا بيت لفدوى طوقان من قصيدة ضعيف الوزن١. قالت من الرجز:
هنا استردت ذاتي التي تحطمت بأيد الآخرين.
إن الأوتاد في هذا الشطر هي:
ترد في كلمة "استردت"
تي الـ في كلمة "ذاتي التي"
تحط في كلمة "تحطمت"
بأيـ في كلمة بأيدي
١ قصيدة "تاريخ كلمة" لفدوى طوقان. مجلة الآداب. بيروت عدد أيار ١٩٦١.