شاعت في الجو الأدبي في لبنان بدعة غريبة في السنوات العشر الماضية، فأصبحت بعض المطابع تصدر كتبًا تضم بين دفاتها نثرًا طبيعيًّا مثل أي نثر آخر، غير أنها تكتب على أغلفتها كلمة "شعر". ويفتح القارئ تلك الكتب متوهمًا أنه سيجد فيها قصائد مثل القصائد، فيها الوزن والإيقاع والقافية، غير أنه لا يجد من ذلك شيئًا وإنما يطالعه في الكتاب نثر اعتيادي مما يقرأ في كتب النثر. وسرعان ما يلاحظ أن الكتاب خلو من أي أثر للشعر، فليس فيه لا بيت ولا شطر، وإذن فلماذا كتبوا على الغلاف أنه شعر؟ تراهم يجهلون حدود الشعر؟ أم أنهم يحدثون بدعة لا مسوغ لها؟ وإذا كانوا يمتلكون المسوغ فلماذا لا يصدرون كتب النثر هذه بفذلكة يبينون فيها للقارئ الوجه الذي ساغ لهم به أن يصدروا كتاب نثر لا يختلف اثنان في أنه نثر ثم يكتبون عليه أنه "شعر"؟ لماذا لا يمنحون القارئ، على الأقل، فرصة يتخذ فيها موقفًا من هذه البدعة فإما أن