يرى وجه تسويغاتهم فيقرهم عليها أو أن يخالفهم فيرفضها:؟ وإنما الخطأ أن يمضي المرء فيسمى النثر شعرًا دون أي تبرير وكأن ذلك أمر بديهي يتفق الناس كلهم عليه منذ أقدم العصور.
والحقيقة التي يعرفها المختصون والمتتبعون، أن طائفة من أدباء لبنان يدعون اليوم إلى تسمية النثر شعرًا. وقد تبنت مجلة "شعر" هذه الدعوة وأحدثت حولها ضجيجًا مستمرًّا لم تكن فيه مصلحة لا للأدب العربي ولا للغة العربية ولا للأمة العربية نفسها. وكان مضمون هذه الدعوة ما جاء في مقال كتبته السيدة الأديبة خزامى صبري عن كتاب نثر فيه تأملات وخواطر لأديب لبناني ناشئ. قالت عن ذلك الكتاب:
"مجموعة شعرية لم تعتمد الوزن والقافية التقليديتين. وغالبية القراء في البلاد العربية لا تسمي ما جاء في هذه المجموعة شعرًا باللفظ الصريح. ولكنها تدور حول الاسم فتقول إنه "شعر منثور" أو "نثر فني" وهي مع ذلك تعجب به وتقبل على قراءته، ليس على أساس أنه نثر يعالج موضوعات أو يروي قصة أو حديثًا، بل على أساس أنه مادة شعرية. لكنها ترفض أن تمنحه اسم الشعر.
وهذا طبيعي، من وجهة نظر تاريخية، بالنسبة للقراء العاديين. أما النقد فيجب أن يكون أكثر جرأة - أن يسمي الأشياء بأسمائها الحقيقة. وأنا أعتبر هذا "النثر الشعري" شعرًا"١.
وقبل أن نلخص مضمون كلام الكاتبة نحب أن نقتطف للقراء نموذجًا من خواطر محمد الماغوط مؤلف الكتاب الذي تتحدث عنه، ليلاحظ القارئ أنه نثر طبيعي كالنثر، على الرغم من أن كاتبه ينثره مفرقًا على أسطر
١ الكتاب المقصود هو كتاب "حزن في ضوء القمر" للأديب محمد الماغوط وفيه نثر اعتيادي لا أثر فيه للوزن أو القافية. وقد نشر تعليق خزامى صبري في مجلة شعر. بيروت. العدد ١١ صيف ١٩٥٩.