في عام ١٩٦٢ صدر كتابي هذا في طبعته الأولى، وكنت قد أوردت فيه كل ما استطعت الوصول إليه من قواعد الشعر الحر ومسائله؛ ولذلك لم أحتج إلى كتابة مقدمة له. أما الآن وأنا أصدر الطبعة الرابعة منه؛ فإن اثنتي عشرة سنة قد مرت على الشعر الحر بعد وضعي لقواعده ودراستي لمسائله. وهذه السنوات قد جاءت بنقد كثير للكتاب. وقد أثار النقاد تساؤلات متعددة حول بعض آرائي فيه، بحيث أجدني مضطرة إلى أن أكتب، لهذه الطبعة، مقدمة أشخص فيها موقفي من الشعر الحر تشخيصًا جديدًا.
ذلك أن المد العظيم من القصائد الحرة الذي غمر العالم العربي، قد استثار عندي آراء جديدة، وأعطاني فرصة لاستكمال قواعد الشعر الحر، أو على الأقل، للإضافة إليها، وغربلتها، ثم إن طائفة من القواعد التي وضعتها أصبحت تبدو لي على شيء من التزمت لأن سمعي نفسه قد