تطور. وليس هذا غريبًا؛ وإنما هو مألوف في تاريخ التقنين للحركات الشعرية والبلاغية الجديدة. فما كان من الممكن أن ينضج عروض الشعر الحر دفعة واحدة من دون تدرج، خاصة وأن هذا الشعر كان في سنة ١٩٦٢ لم يزل ينمو، والعروض يجب أن يكون استقراء لما ينظمه الشعراء من ناحية، واعتمادًا على قوانين العروض من ناحية أخرى.
وقد يقال: كيف استطاع الخليل إذن أن يضع عروض الشعر العربي دفعة واحدة؟ فأقول إن العروض الخليلي قد وصلنا كاملًا دون أن تتاح لنا فرصة نعرف فيها تفاصيل الأسلوب والخطوات التي استعملها الخليل في وضعه، ولا الزمن الذي استغرقه ذلك. وأغلب ظني أن الخليل وضعه في بطء وتؤده خلال سنوات كثيرة، ولا أستبعد أن يكون عدَّل فيه وغير وحذف وأضاف مرارًا وتكرارًا حتى اكتمل بالشكل الذي وصلنا.
أقول كل هذا، مع أن أغلب القواعد التي وضعتها عام ١٩٦٢ ما زالت جارية والشعراء يستعملونها في قصائدهم، وكل ما أحتاج الآن أن أضع الهوامش على ذلك القانون الأول، وأستثني منه بعض الحالات معتمدة في ذلك على ثلاثة منابع: معرفتي للعروض العربي، واطلاعي المستمر على قصائد زملائي الشعراء، واعتمادي على سمعي الشعري. ولسوف أتناول في هذه المقدمة قضايا أخرى إلى جانب قضية الوزن، ولكن مجمل المسائل أربع كلها يتعلق بالشعر الحر وهذه هي: