لا ريب في أن السبب الرئيسي في مقاومة الجمهور العر بي للشعر الحر يكمن في كون هذا الشعر خارجًا على أسلوب الوزن الذي ألفه العرب. وكل جديد يقابل في أوله بالمقاومة والرفض، فليس الشعر الحر بدعًا في هذا. ولقد كان طبيعيًّا أن يضيق به القراء حين جوبهوا به أول مرة سنة ١٩٤٧.
وأكاد أعتقد أن أغلب القراء -وبينهم أدباء وحتى شعراء أحيانا- ما زالوا لا يملكون فكرة واضحة عن معنى الشعر الحر، فهل هو شعر بلا وزن؟ أم أنه وزن ما يخالف أوزان الشعر العربي؟ وإنما يحس بهذه الحيرة، على الخصوص، أولئك الذين لا يملكون أسماعًا مرهفة تميز وزن الشعر تمييزًا دقيقًا، وهؤلاء قد ألفوا، قبلُ، أن يروا الأوزان مرصوصة، على شطرين متساويين، بحيث يكون تبين موسيقاها أسهل. ولذلك تاهوا وتعبوا حين أصبحت الأشطر غير متساوية في أطوالها، وعاد الارتكاز إلى التفعيلة بحيث يحتاج الأمر إلى شاعر لكي يتبين الإيقاع والموسيقى.