للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما لو أنه كان شعرًا حرًّا. ولسوف نكتب هذا النثر كما ينبغي أن يكتب النثر، راجين أن يعذرنا كاتبه. قال الكاتب: "وهو يملك ذوقًا أدبيًّا جميلًا وأصالة تسيء إليها الروح الأوروبية المصطنعة التي يدخلها قسرًا على عباراته وخواطره" قال من خاطره سماها "المسافر":

"بلا أمل. بقلبي الذي يخفق كوردة حمراء صغيرة، سأودع أشيائي الحزينة في ليلة ما: بقع الحبر وآثار الخمرة الباردة على المشمع اللزج، وصمت الشهور الطويلة، والناموس الذي يمص دمي هي أشيائي الحزينة، وسأرحل عنها بعيدًا، وراء المدينة الغارقة في مجاري السل والدخان بعيدًا عن المرأة العاهرة التي تغسل ثيابي بماء النهر وآلاف العيون في الظلمة تحدق في ساقيها الهزيلين، وسعالها البارد يأتي ذليلًا يائسًا عبر النافذة المحطمة. والزقاق الملتوي كحبل من جثث العبيد".

على هذا النمط جرت الخواطر في هذا الكتاب، فيها صور غريبة وتخير للألفاظ وتلوين، غير أنها مكتوبة نثرًا اعتياديًّا كالنثر في كل مكان وزمان. ولذلك يلوح غريبًا أن دار مجلة شعر التي طبعت الكتاب قد أباحت لنفسها أن تضع عنوان الكتاب على غلافه بهذا الشكل:

حزن في ضوء القمر.

شعر.

وكأن تسمية النثر شعرًا مسألة بديهية مفروغ منها. ولعله لا يخفى على أصحاب الدار أن مئات القراء لا يملكون حاسة الوزن ليدركوا أن هذا نثر لا سعر حر، ومن ثم فقد كان عليها -على الأقل- أن تصدر الكتاب بمقدمة تضع فيها تبريرًا يسوغ تسمية النثر شعرًا، فإن ذلك يمنح القارئ حريته، فإما أن يقبل أو أن يرفض.

<<  <   >  >>