للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومهما يكن من أمر فإن كلام خزامى صبري الذي اقتطفناه يتضمن، في مفهوم النقد الموضوعي، الحقائق التالية:

"أولًا" تميز خزامى صبري بين شيئين هما:

أ- الوزن التقليدي وهو الوزن مطلقًا.

ب- الوزن غير التقليدي وهو النثر.

"ثانيًا" تقول خزامى صبري إن الشعر شيء لا صلة له بالوزن والقافية. وإنما الوزن صفة عارضة يمكن أن يقوم الشعر من دونها، ولذلك يتحدث أصحاب هذه الدعوة باحتقار عن الشعر "الموزون"١ وبذلك لا يكتفون برفع النثر إلى جوار الشعر ومساواته وإنما يزيدون فيزيدون الموزون ويعطون لنثرهم الفضل كله. قال أحد دعاة هذه الفكرة الهجين٢:

"ولذلك فإن شعر توفيق صائغ لا يخسر شيئًا باطّراحه شكل القصيدة التقليدي، بل يحقق الطريقة الوحيدة التي تمكنه من قضيته"٣.

هذه هي خلاصة دعوة مجلة"شعر" التي تصدر في بيروت بلغة عربية وروح أوروبية. وقد دعت إليها في عنف وأثارت حولها ضجيجًا متصلًا خلال السنين الماضية، وتطرف حاملو الدعوة فذهبوا إلى أن المستقبل الأوحد إنما هو لهذا "الوزن غير التقليدي" كما يسمونه، أو "الوزن غير الموزون" كما اقترحت عليهم، على سبيل الدعابة، أن يسموه. كتبت مجلة "شعر" أن شعراء معروفين يذهبون إلى "أن المستقبل إنما هو لهذا الشعر


١ أعتذر إلى القارئ عن قولي "شعر موزون" فليس هناك في رأيي شعر إلا وهو موزون وإنما أتحدث بلغة البدعة.
٢ هو جبرا إبراهيم جبرا، مجلة شعر العدد ١٥.
٣ يشير جبرا إبراهيم جبرا بهذا إلى كتاب عنوانه "في جب الأسود" وهو كتاب نثر ويلاحظ أن توفيق صائغ مؤلف هذا الكتاب لم يكتب في حياته بيت شعر واحد فيما أعلم. إن كل ما يكتبه نثر مثل النثر. فلا ندري كيف يرضى جبرا إبراهيم جبرا أن نسميه "شعرًا".

<<  <   >  >>