للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفعيلة "فاعلن" وهو "فعلن" وقد ألف الشعراء أن يعزلوه في قصائد كاملة، وقلما يستعملون فيها أصل التفعيلة "فاعلن" إلا في النادر. ومن وزن المتدارك الأصلي "فاعلن" في شعرنا المعاصر قول ميخائيل نعيمة:

هللي هللي يا رياح ... وانسجي حول نومي وشاح١

وبعد فما الزحاف، إذا أردنا أن ننظر إليه نظرة بسيطة، ونخرج عن تعريفات العروضيين؟ إنه علة تعتري البيت وليس أساسًا فيه. أو هو مرض يصيب التفعيلة، واختلال صغير نحبه لأنه لا يرد كثيرًا. تمامًا كما قد نحب خصامًا صغيرًا مع أصدقاء نعزهم، أو زكامًا يداهمنا يومين ثم ينصرف تاركًا لنا إحساسًا أقوى بعذوبة العافية وجمالها. فماذا يحدث لنا لو أن حياتنا استحالت كلها إلى خصومات وزكامات لا تنتهي؟ ألن يكون طعم الحياة إذ ذاك يشبه وقع قصيدة كل تفعيلاتها زحاف؟

ومن المؤسف أن يكون النادر اليوم في قصائد الرجز هو التفعيلة السليمة. إن شعرنا صار من المرض بحيث كدنا ننسى طعم العافية. وقد تفشى الزحاف الذي هو، في نظرنا، مسئول إلى حد كبير عن شناعة الإيقاع، والنثرية، وغيرهما مما يشكو الجمهور وجوده في الشعر الحر. والحق مع الجمهور.


١ ترد هذه التفعيلة في شعري غير قليل. ومنها في شظايا ورماد القصيدتان "الأفعوان" و"تواريخ قديمة جديدة" وفي قرارة الموجة القصائد "أغنية" و"سخرية الرماد" و"يحكى أن حفارين".

<<  <   >  >>