للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدة العرب مزقت حجب الليـ ... ـل وشعت ملء الفضاء المنير١

وكما في أبيات علي محمود طه، من الهزج:

إذا ما طافَ بالشُّرْفَـ ... ـةِ ضوء القمر المضْنَى

ورفَّ عليكِ مثل الحلْـ ... ـمِ أو إشراقِه المعنى

وأنتِ على فراشِ الطُّهْـ ... ـرِ كالزنبقة الوَسْنى

وإنما المحذور في "التدوير" هو أن العروضيين لم يتناولوه تناولًا ذوقيًّا، بل كان كل ما صنعوا أنهم على جواز وقوعه بين الأشطر، دونما إشارة إلى المواضع التي يمتنع فيها لأن الذوق لا يستسيغه. والواقع أن كل شاعر مرهف الحاسة، ممن مارس النظم السليم، ونما سمعه الشعري، لا بد أن يدرك بالفطرة أن هناك قاعدة خفية تتحكم في التدوير بحيث يبدو في مواضع ناشزًا يؤذي السمع. ولسوف نجد، حين ندرس دواوين الشعر العربي الجيد، أن الشعراء كانوا بفطرتهم يتحاشون إيراد التدوير في بعض المواضع، ولو أن كتب العروض لم تشر إلى ذلك على الإطلاق.

وإذن فما هذه المواضع التي ينبغي للشاعر فيها أن يتحاشى التدوير؟ ملاحظتي الشخصية أن التدوير يسوغ في كل شطر تنتهي عروضه بسبب خفيف مثل "فعولن" في بيتي عمر أبو ريشة، من المتقارب:

رويدك لا تجرحي صمتك الر ... هيب ولا تهتكي مئزره


١ قصيدة "مصرع الصقر" لأمجد الطرابلسي. "مجلة الرسالة". المجلد الأول من السنة السابعة ص١٠٦٠.
٢ قصيدة "القمر العاشق" لعلي محمود طه. ديوان ليالي الملاح التائه. شركة فن الطباعة - القاهرة.

<<  <   >  >>