للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعراء الذين ينظمون هذا الشعر، وإنما نبدأ نحن بتقريره واستنباطًا وقياسًا على العروض العربي وانقيادًا للذوق الفطري. وليس يخفى أن كل قاعدة مقررة إنما بدأت بأن استنبطها إنسان ما، فذلك سائغ ولا مأخذ عليه.

وإنما ينبغي لنا أن نبرر هذا المنع من جهة، وأن نشير إلى ما يقع فيه الناشئون من أخطاء، في هذا الباب، من جهة أخرى.

وأحب أن أقول أولًا أنني لست ممن يمنع الأساليب الجديدة لمجرد أنها لم تسمع من العرب، وذلك لأن تطور الظروف والأحوال في البيئة قد يستدعي تطور القواعد. وإنما اعتمادنا دائمًا على الذوق والمنطق الأدبي والفطرة الشعرية التي نملكها وهي، بلا ريب، شديدة التأثر بأحوال العصر الذي نعيش فيه. وذلك بالإضافة إلى مقاييس العروض العربي والمسموع من شعرنا القديم عبر مئات السنين.

أما أسباب امتناع التدوير في الشعر الحر، في رأيي، فأنا أبسطها فيما يلي:

أولًا- لأن الشعر الحر شعر ذو شطر واحد كما سبق أن أوضحنا. وذلك يتضمن الحقائق التالية:

أ- كان شعر الشطر الواحد لدى العرب، في العصور كلها، قديمًا وحديثًا، شعرًا يستقل فيه الشطر استقلالًا تامًّا فلا يدور آخره. وذلك منطقي وهو يتمشى مع معنى التدوير الذي لا يقع إلا في آخر الشطر الأول ليصله بالشطر الثاني، وذلك في القصائد ذات الشطرين وحسب. وعلى ذلك فإن التدوير ملازم للقصائد التي تنظم بأسلوب الشطرين وحسب.

ب- لأن التدوير يعني أن يبدأ الشطر التالي بنصف كلمة وذلك غير مقبول في شطر مستقل. وإنما ساغ في الشطر الثاني من البيت لأن الوحدة هناك هي البيت الكامل لا شطره. وأما في الشعر

<<  <   >  >>