أنه ناشز. وإنما يقعان فيه، على ما أظن، وهما يشعران بنفور منه. غير أن دوار الحرية قدأصابهما فيمن أصابه، فجعلهما يكستان صوت فطرتهما الشعرية. ولعل هذا هو أيضًا شأن غير قليل من الشعراء الذين نشئوا بعد نزار وفدوى مثل صلاح عبد الصبور١ وغيره. ونحن نتمنى أن يعود هؤلاء الشعراء إلى صوت فطرتهم التي تلهمهم وأسماعهم العربية ليتبينوا الصواب من الخطإ. ولا أظنه يضير الشاعر المعاصر أن يدرس العروض ولو دراسة عابرة، فإنما وجد العروض ليعين الشعرا أكثر مما يعين الناظمين. وإنما يفهم العروض الفهم الحق الشاعر الموهوب. وأما الناظم فمهما درسه فإن جوانب منه تبقى غامضة عليه، فضلًا عن أنه لا يستطيع أن يبدع فيه، وقصارى ما يملك أن يقيس على الموازين قياسًا انطباقيًّا جامدًا.
والواقع أن الشعر ليس موهبة وحسب، وإنما هو نظم قبل ذلك، وللنظم قواعده وأسسه. فإذا كان الشاعر الموهوب، بكل موهبته التي يعتز بها، ينظم الشعر ويخطئ في الوزن، فما باله يزدري العروض ويترفع عن دراسته إذن؟
١ يقع صلاح كثيرًا في "مستفعلان" عندما ينظم قصائد من الرجز. وقد سبقت له شواهد في بحثنا هذا.