للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغلط. يغلط الناظم من جهة، ويغلط الناسخ من جهة أخرى، ويغلط الطابع من جهة ثالثة. وأحيانًا ينبري شعراء إلى نشر بند ما فينشرونه مغلوطًا فيه دون أن يشخصوا مواضع الخطإ. وزاد في خلط الشعراء أن كتب العروض لم تدرس البند، مع أنها درست أشكالًا أقل منه قيمة شعرية، فلم يجد الشاعر الذي ينظمه قانونًا عروضًّا يستند إليه. والواقع أن بحثنا هذا أول محاولة لاستقراء مقياس عروضي للبند، فإن كانت ناجحة، كما نرجو لها، أثبتناها فصلًا في العروض العربي.

وكان من نتائج الضباب القاتم الذي أحاط بوزن البند في أذهان الأدباء والناظمين، أن كثيرًا من الذين مارسوا نظمه، لم يعرفوا الأساس فيه، فظنوه شعرًا من بحر الهزج لا يتخطاه، ويكتب على أسطر متتالية كما يكتب النثر. وحزر غير قليل من الشعراء أن الهزج يحول إلى الرمل أحيانًا، غير أنهم لم ينتبهوا إلى ضرورة التمهيد للانتقال، وحسبوا أن ذلك يمكن أن يتم بقفزة من الهزج إلى الرمل وبالعكس، دون أن يفطنوا إلى أن هناك خطة محكمة للوزن يتبعها البند، وبها يصل إلى تلك الموسيقية العذبة التي يمتلكها. ومن هؤلاء الشعراء طائفة لم تلاحظ على الإطلاق أن البند يقوم على أساس "التفعيلة"، وأن ذلك فيه هو الذي يبرر تنوع أطوال الأشطر، وهي الميزة التي اختص بها دون الشعر العربي السابق كله. وكان من هؤلاء ناظمون ينظمون بندًا ذا أشطر متساوية الطول تمام التساوي، تكسبه أشطره الرتيبة إملالًا وثقلًا. هذا نموذج لناظم اسمه الشيخ حسين العشاري١


١ مجلة اليقين. بغداد. الجزء الخامس. السنة الأولى ص١٤٤- وفي أعداد المجلة أيضًا بند محمد بن الخلفة الحلي الذي تحدثنا عنه.

<<  <   >  >>