للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد استعملت هذا الضرب في قولي أخاطب أمي يرحمها الله:

تسقطين شهيده

في الدروب القريبه والطرقات البعيده

تسكنين جراح القصيده

ويلاحظ أن الضرب جاء غير مخبون مرتين ومخبونًا في الشطر الأول. ومؤدى القول في هذا كله أننا نبيح الآن أن يقع في ضرب القصيدة الحرة كل ما تجاور في عروض وضرب لبيت خليلي واحد. ومنه ما لم نذكره هنا مثل اجتماع "فعولن" و"فعولُ" المقبوضة فقد وردا في البيت القديم:

فعولن فعولن فعولن فعولن ... فعولن فعولن فعولن فعول

والأمر في هذا كله ليس مجرد اعتباط لا يحكمه قانون كما قد يظن الظانون. وذلك لأن ما تقبله إذن شاعرة مدربة السمع مثلي لا يمكن أن يكون فوضى لا ضابط لها وإنما يتحكم فيه ذوق الشاعر القائم على التدريب السمعي البطيء عبر سنين طويلة من قراءة شعرنا القديم والحديث. كذلك لا أستبعد أن يكون سمعي العروض متأثرًا بالوزن الإنكليزي والفرنسي لكثرة ما أقرأ من شعر بهاتين اللغتين. ولا يعني هذا -كما سيزعم بعض الباحثين- أن عروض الشعر الحر مستورد من الغرب. والدليل موجود بين يدي القاري، فأنا لا أخطو خطوة في تقنين قاعدة إلا بعد استشارة عروض الخليل التي خبرت مداخله ومخارجه طويلًا.

وأحب أن أضيف قبل أن أختم الموضوع أن التطويرات المهمة التي أحدثناها في ضروب الخليل تجعل علينا أن ندخلها في مادة العروض حين نلقيها على طلبة الجامعات، وإلا أصبح الشعر الحر أوسع من العروض العربي وأصبح تدريسنا لهذا الموضوع ناقصًا لا يزود الطلبة بثقافة عروضية

<<  <   >  >>