القصيدة حول تمثال أو سفينة أو بركة فلا تصف أحداثًا تعاقبت على هذه الموصوفات، ولا تغييرات جدت عليها خلال زمن ما، وإنما ترسمها كما كانت في تلك اللحظة التي رآها الشاعر فيها: جامدة ثابتة في المكان. وفي وسعنا أن نقول إن نظرة الهيكل المسطح هي نظرة ذات ثلاثة أبعاد، على حد تعبير الرياضيين ينقصها البعد الرابع الذي تنشأ عنه الحركة الزمنية. على أن القصيدة التي تخلو من الحركة بشكلها الزمني لا تستطيع أن تستغني عن شكل آخر من أشكال الحركة يعوض لها ويبني كيانها. ومن ثم فإن شاعر الهيكل المسطح يلجأ عادة إلى أساليب أخرى يخلق بها الحركة فيسد الفراغ. وهو يصل إلى ذلك التعويض باستعمال الصور والتشبيهات والعواطف، وبذلك يمد الموضوع الساكن بلون ما من ألوان الحركة، وهكذا نجد أن الشاعر -حين يجد بين يديه موضوعًا جامدًا مغلفًا بلحظة واحدة من لحظات الزمن- يلجأ إلى التفجير عاطفيًّا ويحيط موضوعه بشحنة مشاعر قوية تعطي القصيدة نوعًا من الحبكة المعوضة. ومن هذا التعويض نشأ الشعر الغنائي الذي اغتنى به الأدب القديم. إنها حالة يؤدي فيها سكون الإطار وتسطحه إلى الارتكاز على محور القصيدة أو الموصوف فيها، وحوله يجمع الشاعر سلسلة من الأفكار والعواطف والصور.