وربما كان أجمل لو حذفه الشاعر، فالقصيدة، من دونه، لا تخسر شيئًا.
ويلاحظ أن التكرار المقطعي يحتاج إلى وعي كبير من الشاعر، بطبيعة كونه تكرارًا طويلًا يمتد إلى مقطع كامل. وأضمن سبيل إلى نجاحه أن يعمد الشاعر إدخال تغيير طفيف على المقطع المكرر، والتفسير السايكولوجي لجمال هذا التغيير، أن القارئ وقد مر به هذا المقطع، يتذكره حين يعود إليه مكررًا في مكان آخر من القصيدة، وهو بطبيعة الحال، يتوقع توقعًا غير واعٍ أن يجده كما مر به تمامًا. ولذلك يحس برعشة من السرور حين يلاحظ فجأة أن الطريق قد اختلف، وأن الشاعر يقدم له، في حدود ما سبق أن قرأه، لونًا جديدًا. ولا أجد في ما بين يدي من الدواوين نموذجًا لهذا التكرار باستثناء قصيدتي "الجرح الغاضب" التي نشرت في مجموعتي "شظايا ورماد" فإن المقطع الأخير من هذه القصيدة تكرار لمقطع سابق.
ويهمني أن أشير إلى أن التكرار في قصيدة "الجرح الغاضب" على الرغم من ألوانه المختلفة عن ألوان المقطع الأصلي، لا يدخل على هيكل القصيدة المعنوي تغييرًا، وإنما يؤكده لا أكثر فهو تكرار بياني "كما سنشرح في البحث التالي". والخطوة التالية التي يمكن أن يخطوها الشاعر في هذا التكرار المقطعي، أن يقيم هيكل المعنى في القصيدة على التلوين الذي يدخله. بالصورة التي بينتها على المقطع الأصلي الذي يكرره، والنموذج الذي أحبه وأريد تقديمه للقارئ قصيدة بديعة لأمجد الطرابلسي قرأتها في مجلة "الرسالة" منذ سنين وعنوانها "احترق.. احترق" أنقلها هنا كاملة: