قط. ونحن اليوم في فترة من تاريخ الشعر العربي تحتم علينا أن نعنى بهذا الوتد، خاصة في تلك التفعيلات التي تنتهي به مما ذكرنا.
والذي نلاحظه -وهي ملاحظة شخصية- أن الوتد في الشعر العربي يتصف بشيء من الصلادة والقسوة، ويجنح من ثم، إلى أن يتحكم في الكلمة التي يرد بها، ويرفض أن يسمح للشاعر بتخطيه. ومعنى هذا، إذا أردنا التبسيط، أن الوتد يبلغ من القوة بحيث يستطيع أن يشق الكلمة التي يرد في أولها إلى شقين. مثال ذلك أن نقول مثلًا:
شيخ المعرة شاعر ... مستفعلن متفاعلن
إن الوتد الأول هنا هو الحروف الثلاثة "معر" في كلمة "المعرة" وقد جاء من الكلمة في وسطها، وبذلك شقها إلى شقين أحدهما في آخر التفعيلة "مستفعلن" والآخر في أول التفعيلة "متفاعلن".
وتفسير ما نذهب إليه أن التفعيلة، بمعناها الشعري، وقفة موسيقية ينقطع عندها النغم، وهذه الخاصة أبرز وأشد في التفعيلات الوتدية التي أشرنا إليها، لما ذكرناه من قسوة الوتد وصلادته، فإذا توقف الصوت عند آخر الوتد انقسمت الكلمة إلى قسمين تتخللهما وقفة قصيرة وذلك مستكره ينفر منه السمع الشاعري نفورًا ظاهرًا.
إن قسوة الوتد هذه تجعل من الكياسة الشعرية أن يحاول الشاعر إيراده في آخر الكلمة لكي يختمها به ويقويها، بدلًا من أن يورده في أولها فيقطع أوصالها ويضيع تماسكها. هذا هو القانون العام، وقد نحتاج إلى بعض الاستثناءات فيه بالنسبة للمواقع التي يرد فيها كما سنذكر.
وقد يتساءل القارئ: ماذا صنع آلاف الشعراء العرب من أسلافنا لتحاشي مشكلات هذا الوتد المشاكس إذن عبر القرون؟ ولماذا لم يقعوا في