للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أخذ ابن بسام على جماعته هذه المحاكاة فقال: "إن أهل هذا الأفق أبوا إلا متابعة أهل المشرق، يرجعون إلى أخبارهم المعتادة رجوع الحديث إلى قتاده، حتى لو نعق بتلك الآفاق غراب أو طنّ بأقصى الشام والعراق ذباب، لجثوا على هذا صنماً وتلوا ذلك كتاباً محكماً فغاظني منهم ذلك- الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ١ /٢"

وقد استمرت الحال على هذا المنوال حتى القرن الخامس الهجري، حين شاع في الأندلس مذهب الظاهرية في أصول الفقه، وكان قد نشأ في المشرق خلال القرن الثالث الهجري وإمامه أبو سليمان الأصفهاني. قام المذهب على رفض القياس وإنكار التقليد، وتولى الدعوة إليه والاحتجاج له في الأندلس الإمام أبو محمد علي بن سعيد بن حزم الأندلسي (٣٤٨-٤٥٦) . وكان ابن حزم هذا يتمنى لو كان مشرقياً حين يقول:

أنا الشمس في جو العلوم منيرة ولكن عيبي أن مطلعي الغرب

وتلا ذلك نبوغ ابن مضاء في القرن السادس الهجري، وقد اتخذ مذهبه في أصول النحو على مثال مذهبه الظاهري في أصول الفقه، فأنكر القياس وعوّل على النص في كتابه (الرد على النحاة) كما تقدم تفصيل ذلك، وكان عصره عصر الثورة على المشرق ومذاهبه.

ابن مالك:

<<  <   >  >>