للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن أشهر نحاة الأندلس المبتكرين في القرن السابع الهجري الإمام محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني ولد في بلدة جيان بالأندلس وقرأ العربية على ثابت بن محمد جيان الكلاعي، كما قرأها على ابن يعيش شارح (المفصل) . وقد انتقل إلى دمشق وتوفي فيها. (٦٠١-٦٧٢هـ) وابن مالك هذا هو صاحب الألفية المشهورة باسمه، وقد كثر شرّاحها وكان من أبرز هؤلاء ابنه بدر الدين محمد بن مالك (٦٨٦هـ) ، وقد عُرف بحذقه للمنطق فجاء شرحه مشوباً بالنهج المنطقي، فاختط ذلك لسائر شراح الألفية وحملهم على جادته. وإذا كان نحاة الأندلس قد نادوا بصحة استنباط القواعد اعتماداً على الحديث النبوي منذ دعا إلى ذلك الإمام ابن حزم الأندلسي في القرن السادس وتبعه في ذلك السهيلي وابن خروف، فقد كان ابن مالك أكثرهم حماسة لهذا الرأي وأشدهم استمساكاً به، وقد جرى على الاستشهاد بالحديث في كثير من الأحكام التي خالف فيها الجمهور وقد كان من أنصار هذا المذهب الجوهري وابن جني وابن فارس وابن سيده وابن بري. وهو لم يمل إلى بصرية أو كوفية وإنما اختار في كل مسألة ما هداه إليه اجتهاده بالحجة.

أبو حيان:

وقد تألق بعد ذلك نجم أبي حيان الأندلسي الغرناطي المولد والمنشأ (٦٥٤-٧٥٤هـ) وله من الكتب سفره الضخم في التفسير وهو (البحر المحيط) ، وله (شرح التسهيل) ومختصره (ارتشاف الضراب) وإذا كان أبو حيان قد بدا ذا أسلوب منطقي في تعريفه للحدود وتحليلها فقد ابتعد عن الغلو في التعليل. وإذا كان قد استمسك بالنص وعاف من التأويل ما كان متكلفاً فإنه لم يدع القياس بل عول عليه في أحكامه. وقد حمله استمساكه بالنص على اهتمامه بالقراءات القرآنية جميعاً واشتغاله بها، وعاب على النحاة ترددهم في التعويل عليها وقال: "ولسنا متعبدين بأقوال نحاة البصرة- البحر المحيط- ٤/٢٧١"، كما عاب عليهم المفاضلة فيما بينها (٢/٢٦٥) وقال: "القراءات لا تجيء على ما علمه البصريون ونقلوه- ٢/٢٦٣".

<<  <   >  >>