للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال في موضع آخر من كتابه: "أن علم النحو هو أن ننحو معرفة كيفية التركيب في ما بين الكلم لتأدية أصل المعنى مطلقاً بمقاييس مستنبطة من استقراء كلام العرب وقوانين مبنية عليها، ليحترز بها عن الخطأ في التركيب من حيث تلك الكيفية. وأعني بكيفية التركيب تقديم بعض الكلم على بعض ورعاية ما يكون من الهيئات إزاء ذلك، وبالكلم نوعيها المفردة وما هي في حكمها –المفتاح /٣٧". وجاء في شرح السيد للمفتاح: "وأما عن المركبات فباعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية فعلم النحو".وهذا هو أبو إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى (٧٩٠هـ‍) يعرِّف علم النحو في شرح (الخلاصة) فيقول: "وهو في الاصطلاح، علم بالأحوال والأشكال التي بها تدل ألفاظ العرب على المعاني، ويعني بالأحوال وضع الألفاظ من حيث دلالتها على المعاني التركيبية، أي المعاني التي تستفاد بالأشكال..".

بل هذا ابن كمال باشا (٩٤٠هـ‍) يقول في رسائله، وقد عرض فيها لعلم النحو:

"ويشارك النحوي صاحب علم المعاني في البحث عن المركبات، إلا أن النحوي يبحث عنها من جهة هيئاتها التركيبية صحة وفساداً، ودلاله تلك الهيئات على معانيها الوضعية على وجه السداد، وصاحب المعاني يبحث عنها من حيث النظم المعبر عنه بالفصاحة في التركيب، وقبحه ... " ثم خلص إلى القول: "وهذا كون علم المعاني تمام علم النحو".

وقال الأستاذ إبراهيم مصطفى، رحمه الله، في كتابه (إحياء النحو) : "وجاء بعد ذلك بآماد الشيخ عبد القاهر الجرجاني، فرسم في كتابه –دلائل الإعجاز-طريقاً جديداً للبحث النحوي، وتجاوز أواخر الكلم وعلامات الإعراب وبيَّن أن للكلام نظماً وأن رعاية هذا النظم واتباع قوانينه هي السبيل إلى الإبانة والإفهام وأنه إذا عدل الكلام عن سنن هذا النظم.. لم يكن مفهماً معناه ولا دالاً على ما يُراد منه /١٦".

<<  <   >  >>