للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وممن عمد إلى هذا الموضع من البحث، فسلك مسلك الجواري والمخزومي والسامرائي، في مخالفة الحد الذي اتخذه جمهور النحاة في تقسيم الجملة إلى اسمية وفعلية، وسوّى بين تقديم الفعل وتأخيره في مثل قولك (جاء خالد) و (خالد جاء) بل سبقهم إلى ذلك العلاَّمة الأستاذ ساطع الحصري في كتابه (آراء وأحاديث في اللغة والأدب) .

قال الحصري: "ومن المعلوم أن الجملة تنقسم إلى قسمين فعلية واسمية: ولكننا عندما ننظر إلى الأمور نظرة منطقية، يجب أن نفهم من تعبير جملة فعلية: الجملة التي تحتوي على فعل، وبتعبير آخر الجملة التي تعلمنا ما حدث وما يحدث. كما يجب أن نفهم من تعبير جملة اسمية الجملة التي لا تحتوي على فعل؛ وبتعبير آخر: الجملة التي تخبرنا عن أوصاف اسم من الأسماء وحالاته"، وأردف: "غير أن قواعد اللغة العربية لا تلتزم هذه التعريفات والمفهومات المنطقية، بل تخالفها كلية، فإنها تعتبر الجملة فعلية عندما تبتدئ بفعل، واسمية عندما تبتدئ باسم. ومعنى ذلك أنها لا تصنف الجمل حسب أنواع الكلمات التي تتألف منها، بل تصنفها حسب نوع الكلمة التي تبتدئ بها، دون أن تلتفت إلى بقية كلماتها /١٠٧".

ويمضي الحصري في شرح مذهبه ونقد مذهب النحاة، فيقول: "ونظراً لهذه القواعد الرسمية فإن عبارة: نام الولد، يجب أن تعتبر جملة فعلية، في حين أن عبارة الولد نام، يجب أن تعتبر جملة اسمية، مع أن كلتيهما تتألفان من الكلمتين أنفسهماوتؤديان المعنى نفسه/١٠٨".

الرأي في ما جاء به الحصري ومن نحا نحوه، في التسوية بين تقديم الفعل على فاعله وتأخيره عنه:

نقول في الجواب عما تقدم من كلام الحصري، إن الذي نراه هو أن قولك (نام الولد) لا يؤدي مؤدَّى قولك (الولد نام) عند التحقيق، ولو أوهم ظاهر الجملتين غير ذلك.

<<  <   >  >>