للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما (قَنا) فليس منصوباً على الأصل، إذ ليس الفعل هاهنا مما يتجاوز فاعله إلى سواه بالإضافة إلى (قَنا) لينصبه ويوقع حدثه عليه. وهو لم يعمل، إلى ذلك، في المعنى، وإنما عمل في اللفظ، لأن المعنى على الجرّ واللفظ على النصب. قال سيبويه في تعليل استعمال الفعل في اللفظ دون المعنى (١ / ٨٢) : (لأن قنا وعُوارض مكانان، وإنما يريد بقنا وعوارض، ولكن الشاعر شبهه بدخلت البيت) . قال الشارح: (الشاهد فيها نصب قنا وعوارض على إسقاط الجرّ ضرورة. لأنهما مكانان مختصان لا ينتصبان انتصاب الظرف وهما بمنزلة ذهبت الشام) . أقول لو عمل الفعل في المعنى لقيل (لأبغينَّكم بقنا) لكنه عمل في اللفظ فقال (لأبغينكم قنا) . فسيبويه إذاً قد جعل عمل الفعل بنصب الاسم بعد حذف الجارّ اتساعاً، عملاً في اللفظ لا في المعنى، من حيث كان على تقدير وجود الجارّ، والمعنى على هذا، كما يقول ابن يعيش.

أم الأستاذ جواد فقد جعل (تعدية) الفعل بعد حذف الجار اتساعاً في مثل قولك (سَفِه نفسَه) تعدية باللفظ أيضاً، فهذا كلامه: (وقولهم سَفِه نفسَه وغبن رأيه ورشد أمره ... إنما هي متعدية لفظياً) . وإذا كان سيبويه قد رأى أن عمل الفعل فيما أورده عمل في اللفظ لا في المعنى، أفلا يوحي كلامه هذا بأن أدنى شيء يسمى به ما نصب بعد حذف الجار (المفعول في اللفظ) و (المفعول اللفظي) ، أو ليس هذا ما فعله الدكتور جواد؟

وقد يسأل سائل لماذا ذكر سيبويه أن الفعل، فيما نحن بسبيله، قد عمل في اللفظ ولم يقل إن الفعل قد تعدى إلى اللفظ كما فعل جواد؟

<<  <   >  >>