-ولا يتأتى أو يتسنى الكشف هنا عمّا أرده المؤلف بقوله (الأضداد المتقابلة) وقوله (وجهة المعنى أو اتجاهه) حتى نعرض لأمثلته التي ساقها في تأييد مذهبه وتوثيق حجته، فنبلو سرها ونتعرف كنهها وفحواها.
-وقد اقتصرنا فيما أوردناه من كلام المؤلف على ما عرض فيه للناحية اللغوية، وأقصرنا بل أمسكنا عمّا نحا فيه نحو الفلسفة لئلا يعدل بنا عمّا نحن فيه من البحث اللغوي الصرف، فيلتبس على القارئ وجهته فيكون منه على غمة وحيرة.
من ذلك قول المؤلف:(اليوم في مجلس كبار علماء الطبيعة أنهم يقتفون في مختبراتهم أثر اكتشاف جديد هائل.. ألا وهو اكتشاف ما يسمى – مضاد المادة – ويعني وجود مضاد المادة فناء لكل مادة، والعكس صحيح في حالة تواجههما. ويؤمن كثير من العلماء إيماناً عميقاً بوجود مضاد المادة.. حتى انه يظن أن الضدين – المادة ومضاد المادة – قد خلقا في آن واحد، ساعة خلق هذا الكون. ومن نفس الأصل، وربما كان لها نفس تطور المادة، ولكنها لا تحمل شيئاً من صفات المادة المتعارف عليها. وتركيبها الفيزيائي والذري يماثل تماماً تركيب المادة التي نعرفها، ولكن بطريقة معاكسة../ ٢٩) . وقوله:(في الملاحظة الآنفة الذكر اتساق مع منطق الجدلية التي ينطق بها هذا الحرف العربي ويعلنها نظام ألفاظه في تركيب كلماته. فاللفظ يحوي ضده في ذاته، وضده في ذاته ذو اتجاه يعاكس اتجاهه../٣٠) .
وخير ما نستعين به لإيضاح مذهب المؤلف وإماطة حجابه والإفصاح عن مضمونه، أن تأتي بما أورده من الأمثلة مستظهراً بها على سداد منهاجه وصدق دعواه، فنعمد إلى تأملها واختبارها لنبت فيها حكماً ونبرم رأياً.