وقد اتخذ الرضي ضابطه في تمييزه المفعول به فقال:(إذ زيد في قولك كسوت زيداً جبة وأعطيت زيداً جبة، مكسو ومعطى) أي المفعول به لـ (كسا وأعطى) لوقوع فعل الكسوة وإلا عطاء عليه، دون الاكتساء والعطاء. أو ليس هذا ما أراده الأستاذ جواد حين قال (لوقوع الإلباس لا اللبس على فلان) ؟ أما (جبَّة) وهو المفعول الثاني فقد وقع عليه حدث الفعل المطاوع في المعنى دون الفعل الأصلي. قال الرضي:(إذ الجبَّة مكتساةٌ ومعطوة أي مأخوذة) فهو إذاً في معناه مفعول به (لاكتسى وعطا) دون (كسا وأعطى) لوقوع فعل الاكتساء والعطاء عليه، دون فعل (الكسوة والإعطاء) . وإذا كان المفعول الثاني وهو (جبَّة) مفعولاً به في المعنى للفعل المطاوع فهو، إذاً مفعول في اللفظ للفعل الظاهر لأنه هو الذي عمل فيه، لفظاً لا معنى. أفرأيت أن النحاة قد بحثوا ما بحثه جواد ولو لم يوردوا ألفاظه ويتخذوا مصطلحاته.
هل ورد اصطلاح (المفعول به لفظاً) صراحة عند النحاة؟
وما الذي عنَوه بهذه التسمية
أقول قد ورد عنهم ذلك، لكنهم عَنَوا به شيئاً آخر. أنهم أرادوا بهذه التسمية مفعولاً به قد ثبتت له المفعولية معنى بوقوع الفعل عليه، ولفظاً بنصبه، خلافاً لم ذهب إليه جواد.
فقد جاء في كتاب (شرح البناء) لمحمد الكفوي، في الكلام على أفعال المشاركة أن قولك (ضارب زيد عمراً) دل (صريحاً) على صدور الضرب من زيد على وجه (الغالبية) ووقوعه على عمرو، كما دل (ضمناً) على صدوره من عمرو على وجه (المغلوبية) ووقوعه على زيد. فيكون كل واحد منهما فاعلاً ومفعولاً، لكن (الغالب) يكون فاعلاً (لفظاً) ، والمفعول به مفعول به (لفظاً) ، وبالعكس معنى لا لفظاً (ص / ١٦) .
وهذا يعني أن جماعة من النحاة ذهبوا في (ضارب زيداً عمراً) إلى اعتداد (زيد) فاعلاً لفظاً (أي لفظاً ومعنى) ، واعتداد (عمرو) مفعولاً به (لفظاً) ، أي (لفظاً ومعنى) وجعل (زيد) مفعولاً به معنى أو ضمناً، و (عمرو) فاعلاً معنى أو ضمناً.