للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النحو لا شك أن له فوائد منها: أنه سبب في عصمة اللسان من اللحن، وهذا يستفيد منه الخطيب، والداعية، والمدرس، والذي يحرص أن يقرأ على الشيوخ ويقومون له الخطأ، وهذا في الغالب يستفيد، أما الذي يقرأ القواعد النظرية ويسمع الشروح لكنه لا يطبق ذلك في خطابةٍ ولا قراءة ولا تعليم ولا غير ذلك، فإنه في الغالب لا بد أن يقع منه اللحن، إذا احتاج إلى شيءٍ من ذلك مستقبلاً، لكن الفائدة في فهم الكلام المقروء، هذا ولو لحن وسبق لسانه إلى اللحن إذا ألقى كلمة أو خطبة أو درس فإنه إذا أتقن المادة وطبق عليها فإنه لن يخطئ فيما إذا قرأ كتاباً يتوقف فهمه على فهم العربية، مثل: نصوص الكتاب والسنة، الإنسان إذا ألقى خطاب مثلاً يلحن؛ لأنه ما اعتاد ذلك، إذا ألقى خطبة لحن، ألقى كلمة يلحن؛ لأنه ما تعود على ذلك، قرأ بين يدي الشيخ ولو كان من أحفظ الناس لقواعد العربية ومن أفهم الناس لها قد يلحن، وهذا خلل لا شك؛ لكنه أقل من الخلل الثاني الذي يقع فيه ما لا يعرف العربية البتة، وهو أن مثل هذا لا يفهم الكلام الذي يحتاج إلى فهمه أو في فهمه إلى العربية، وإذا أراد الإنسان أن يختبر فهمه لهذا العلم ما عليه إلا أن يمسك الفاتحة، سورة الفاتحة ويعرب الفاتحة، يعرب سورة الفاتحة إعراباً تفصيلياً، ثم يقارن بين إعرابه وبين كتب إعراب القرآن في الفاتحة، كتب إعراب القرآن كثيرة للمتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، كلهم كتبوا في إعراب القرآن وأكثرهم تفصيلاً من تأخر، فإذا طابق إعرابه إعرابهم يكون قد أتقن هذا العلم، إذا نقص بنسبةٍ يسيرة لا يضر تسعين بالمائة، خمسة وثمانين بالمائة، إذا وافق سبعين بالمائة يكون أنجز إنجاز طيب؛ لكن عليه أن يقرأ كتاباً آخر، ويحضر بعض الدروس ليستكمل ما فاته؛ لأنه لا يتصور في كتابٍ واحد أن يتقن جميع ما يحتاج إليه، ولذا أهل العلم لا يقتصرون على كتاب واحد، تجد العالم الواحد يقرئ الآجرومية ويقرئ القطر ويقرئ الألفية لتتكامل في الإفادة، فبعض الناس يضيق ذرعاً إذا لحن، وقد تعب على تعلم العربية، نقول ما يضيرك، صحيح خلل لكن يبقى أن الفائدة الكبرى أنك إذا قرأت كلاماً فهمتَه، عرفت أن هذه الكلمة لأن كثير من الألفاظ يتوقف فهمها

<<  <  ج: ص:  >  >>