ولستُ بنحويٍ يلوك لسانه ... ولكن سليقيٌ أقول فأعربُ
سليقة ما يحتاج، لكنهم لما فتحت الأمصار، واختلط العرب بغيرهم، وامتزجوا بهم، وساكنوهم، وصاهروهم تغيرت لغتهم، دخلها ما دخلها من الضعف فخيف على اللغة، حتى إن أبا الأسود الدؤلي واضع هذا العلم سألته ابنته: يا أبتِ (ما أحسنُ السماء؟ ) لأنها نظرت إلى السماء في ليلةٍ صافية فقالت له: (ما أحسنُ السماء؟ ) فقال: أي بنية نجومها، ظنها تسأل: ما الشيء الذي جعلها حسنة؟ فقال: نجومها، قالت: لا أسأل عن ذلك، إنما هي تتعجب، فقال لها: قولي: (ما أحسنَ السماء) إذا أردتِ أن تتعجبي، انقلب المراد، فأحسّ أهل العلم بضرورة التدوين في هذا الفن والحاجة داعية إلى التأليف فيه، ولا يقال: إن هذا من البدع، وإن زعم بعضهم أنه من البدع الواجبة؛ لأنه ليس في البدع ما يمدح فضلاً عن أن يوجب على الناس، بل هو مما لا يتم الواجب إلا به، فهم الكتاب والسنة متوقف عليه، فلا بد منه حينئذٍ، فيكون شرعياً، وليس من البدع، وكل بدعةٍ ضلالة.
علي بن أبي طالب أدرك الحاجة إلى هذا الفن، إلى التأليف فيه فأمر أبا الأسود أن يؤلف، وبعضهم يقول: إن علياً وضع بعض القواعد والأسس لهذا العلم وقال لأبي الأسود: "انح نحو هذا" فسمي العلم بالنحو، علي -رضي الله عنه- من العرب الأقحاح، يغار على هذه اللغة التي هي لغة الكتاب والسنة، ولذا استدل الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- بعدم صحة ما نسب إليه من مصحف ينسب إلى علي -رضي الله عنه- مصحف خاص به، فاستدل الحافظ ابن كثير على عدم صحة النسبة؛ لأنه كتب في آخره:"وكتب علي بن أبو طالب" فقال -رحمه الله-: لا يليق بالإمام علي -رضي الله عنه- مثل هذا اللحن الشنيع.