للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد روى الطبري عن عوف بن أبي جميلة قال: «أما أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين، يقول: إن علياً جاء فقال لطلحة: ابسط يدك ياطلحة لأبايعك. فقال طلحة: أنت أحق، وأنت أمير المؤمنين، فابسط يدك، فبسط علي يده فبايعه». (١)

وعن عبد خير الخَيْوانيّ أنه قام إلى أبي موسى فقال: «يا أبا موسى، هل كان هذان الرجلان -يعني طلحة والزبير- ممن بايع علياً قال: نعم». (٢)

كما نص على بطلان ما يُدَّعَى من أنهما بايعا مكرهين، الإمام المحقق ابن العربي وذكر أن هذا مما لا يليق بهما، ولا بعلي قال

: «فإن قيل بايعا مكرهين [أي طلحة والزبير]، قلنا: حاشا لله أن يكرها، لهما ولمن بايعهما، ولو كانا مكرهين ما أثر ذلك، لأن واحداً أو اثنين تنعقد البيعة بهما وتتم، ومن بايع بعد ذلك فهو لازم له، وهو مكره على ذلك شرعاً، ولو لم يبايعا ما أثر ذلك

فيهما، ولا في بيعة الإمام.

وأما من قال يد شلاء وأمر لا يتم (٣)، فذلك ظن من القائل أن طلحة أول من بايع ولم يكن كذلك.

فإن قيل فقد قال طلحة: (بايعت واللُّجّ علي قَفَيّ) قلنا: اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في (القفا) لغة (قفى)، كما يجعل في (الهوى) (هوي)، وتلك لغة هذيل لا قريش (٤)، فكانت كذبة لم تدبر.


(١) تاريخ الطبري ٤/ ٤٣٤.
(٢) المصدر نفسه ٤/ ٤٨٦.
(٣) إشارة إلى ما جاء في بعض الروايات: أن أول من بايع علياً طلحة وكان بيده اليمنى شلل، لما وقى بها رسول الله يوم أحد، فقال رجل في القوم: أول يد بايعت أمير المؤمنين شلاء لا يتم هذا الأمر. انظر: تاريخ الطبري ٤/ ٤٣٥، والبداية والنهاية لابن كثير ٧/ ٢٣٧.
(٤) وقيل هي: لغة طيّ. ذكره ابن الأثير في النهاية ٤/ ٩٤ وكذلك: اللُّجّ ليس من لغة قريش بل من لغة طيّ، قال ابن الأثير: «هو بالضّم: السيف بلغة طيّ» النهاية ٤/ ٢٣٤، وقيل هو السيف أيضاً بلغة هذيل وطوائف من اليمن. انظر لسان العرب ٢/ ٣٥٤.

<<  <   >  >>