للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قولهم: (يد شلاء) لو صح فلا متعلق لهم فيه، فإن يداً شُلّت في وقاية رسول الله يتم لها كل أمر، ويتوقى بها من كل مكروه، وقد تم الأمر على وجهه، ونفذ القدر بعد ذلك على حكمه». (١)

وكذلك معاوية فقد ثبت بالروايات الصحيحة أن خلافه مع علي كان في قتل قتلة عثمان ولم ينازعه في الخلافة بل كان يقر له بذلك.

فعن أبي مسلم الخولاني أنه جاء وأناس معه إلى معاوية وقالوا: «أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: لا والله إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قُتل مظلوماً، وأنا ابن عمه والطالب بدمه فأتوه، فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلم له، فأتوا علياً فكلموه فلم يدفعهم إليه (٢)». (٣)

ويروى ابن كثير من طرق ابن ديزيل بسنده إلى أبي الدرداء وأبي أمامة «أنهما دخلا على معاوية فقالا له: يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فو الله إنه أقدم منك ومن أبيك إسلاماً، وأقرب منك إلى رسول الله ، وأحق بهذا الأمر منك، فقال: أقاتله على دم عثمان، وإنه آوى قتلته، فاذهبا إليه فقولا له:

فليقدنا من قتلة عثمان ثم أنا أول من أبايعه من أهل الشام». (٤)

والروايات في هذا كثيرة مشهورة بين العلماء (٥) وهي دالة على عدم


(١) العواصم من القواصم ص ١٤٨ - ١٤٩.
(٢) سبب ذلك أن علياً طلب من معاوية أن يدخل في البيعة ويحاكمهم إليه فأبى معاوية جميعاً. انظر: البداية والنهاية ٧/ ٢٦٥، وتحقيق مواقف الصحابة في الفتنة لمحمد أمحزون ٢/ ١٤٧.
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ١٦/ ٣٥٦ ب،
وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣/ ١٤٠، وقال محققوا الكتاب: رجاله ثقات.
(٤) البداية والنهاية ٧/ ٢٧٠.
(٥) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٧/ ٢٦٨ - ٢٧٠، وقد جمع هذه الروايات الدكتور محمد أمحزون في كتابه: (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة) ٢/ ١٤٦ - ١٥٠.

<<  <   >  >>