للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخميس، اشتد برسول الله وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا: ما شأنه؟ أَهَجَر، اسْتَفْهِمُوه، فذهبوا يردون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها). (١)

وليس فيما ثبت في هذا الحديث ورواياته الصحيحة أي مطعن على أصحاب رسول الله ، وأما ما ذكره هذا الرافضي من مطاعن

فباطلة معلومة الفساد، وقد أجاب العلماء قديماً عن بعضها.

وإليك أيها القارى الرد عليها مفصلاً:

قوله أولاً: إن الصحابة اختلفوا ومنهم من عصى أمر رسول الله فغضب وأخرجهم من البيت

فيقال له: أما اختلافهم فثابت، وقد كان سببه اختلافهم في فهم قول الرسول ، ومراده لاعصيانه كما زعمت.

قال القرطبي في سبب اختلافهم: «وسبب ذلك أن ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول». (٢)

ثم ذكر أن النبي لم يعنفهم ولاذمهم بل قال للجميع: (دعوني فالذي أنا فيه خير) (٣) وهذا نحو ما جرى لهم يوم الأحزاب حيث قال لهم الرسول : (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة) (٤) فتخوف ناس


(١) رواه البخاري: (كتاب المغازي، باب مرض النبي (فتح الباري ٨/ ١٣٢، ح ٤٤٣١. ومسلم: (كتاب الوصية، باب من ترك الوصية) ٣/ ١٢٥٧، ح ١٦٣٧.
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي ٤/ ٥٥٩.
(٣) تقدم ذكر الحديث وتخريجه في الصفحة السابقة.
(٤) تقدم تخريجه ص ٢٥٣.

<<  <   >  >>