للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله وكبارأصحابه، فلم ينكرواعلى قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال، ولا ينكر عليه بعد ذلك إلا مفتون في الدين، زائغ عن الحق والهدى، كما هوحال هذا المسكين المعرض نفسه لما لا يطيق.

وأما ما ادعاه من معارضة عمر لرسول الله بقوله: (عندكم كتاب الله، حسبنا كتاب الله) وأنه لم يمتثل أمر الرسول فيما أراد من كتابة الكتاب:

فالرد عليه:

أنه ليس في قول عمر هذا، أي اعتراض على رسول الله وعدم امتثال أمره كما توهم هذا الرافضي، وبيان هذا من عدة وجوه:

الوجه الأول: أنه ظهر لعمر ومن كان على رأيه من الصحابة، أن أمر الرسول بكتابة الكتاب ليس على الوجوب، وأنه من باب الارشاد إلى الأصلح، وقد نبه على هذا القاضي عياض، والقرطبي، والنووي، وابن حجر. (١)

ثم إنه قد ثبت بعد هذا صحة اجتهاد عمر وذلك بترك الرسول كتابة الكتاب، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف. ولهذا عد هذا من موافقات عمر

. (٢)

الوجه الثاني: أن قول عمر : (حسبنا كتاب الله) رد على من نازعه لا على أمر النبي (٣) وهذا ظاهر من قوله: (عندكم كتاب الله) فإن المخاطب جمع وهم المخالفون لعمر في رأيه.


(١) انظر: الشفا ٢/ ٨٨٧، والمفهم ٢/ ٥٥٩، وشرح صحيح مسلم ١١/ ٩١، وفتح الباري ١/ ٢٠٩.
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر ١/ ٢٠٩.
(٣) نص عليه النووي في شرح صحيح مسلم ١١/ ٩٣.

<<  <   >  >>